اسم الکتاب : الموشى = الظرف والظرفاء المؤلف : الوشاء الجزء : 1 صفحة : 109
وما لي لا أبكي، وتبكي قَرابتي، ... وقد ذهبَت عنا فُضول أبي عمرِو
فبعث معاوية بعد ذلك يخطبها، فنزعت ثنيّتها العليا وقالت: أذاتُ عروسٍ هذه. فهذا، والله، حسنٌ من وفاء النساء.
وقد تقدم ذكر جماعة من أهل الوفاء اللاتي قتلن أنفسهن في أثر متعشّقهيهنّ أغنى عن كثير من أخبارهنّ.
عبد الله بن علقمة وحُبيشة
وقد رُوي أيضاً عن أبي حَدْرَد الأسلمي قال: نشأ فينا غُلامٌ يقال له: عبد الله علقمة، فعلق جاريةً منا يقال لها حُبيشة لم تكن من فخذه، وكان يتحدّث إليها كثيراً. فخرج ذات يوم من عندها، فنظر إلى ظبيةٍ على رابية فالتفت إلى أمّه وهو يقول:
يا أُمّتي خبّريني غير كاذبةٍ، ... وما يُريد مَسولُ الخُبرِ بالكذبِ
حُبيشٌ أحسنُ أم ظبيُ برابيةٍ، ... لا بل حُبيشةُ من ظبيٍ ومن ذهبِ
ثم انصرف من عندها مرة أخرى فأصابته السماء، فأنشأ يقول:
وما أدري إذا أبصرتُ يوماً، ... أصوب القطر أحسن أم حُبيشُ
حُبيشة والذي خلق الهدايا، ... على أن ليس عند حُبيشَ عيشُ
فلما سمع بذلك قومه قالوا لأمه: هذا غلامٌ يتيمٌ لا مال عنده، وآل تلك يرغبون عنكم، فانظري له بعض نساء قومه، لعله يسْلى عنها، فزوّجته جاريةٌ ذات جمال وكمال، وزيّنتها بأحسن زينةٍ، وأقامتها بين يديه، فلما نظر إليها قال: مرعىً ولا كالسعدان! فذهبَت كلمتُه مثلاً، والسعدان نَبْتٌ يرعاه إبل الملوك؛ فعلموا أنه لا ينصرف عن هواها. فتواعدوا حُبيشة وقالوا: إذا جاء فأعرضي عنه، وتجهّميه بالكلام، رجاء أن ينصرف بعض الانصراف. فلما
اسم الکتاب : الموشى = الظرف والظرفاء المؤلف : الوشاء الجزء : 1 صفحة : 109