اسم الکتاب : الموشى = الظرف والظرفاء المؤلف : الوشاء الجزء : 1 صفحة : 107
وخُبّرت أن بعض وُلاة العهود كانت له جاريةٌ، فكان يُظهر الميل إليها، والاستهتار بحبها. وكان يقول لها: إذا أفضتِ الخلافة إليه أن يفضّلها على نسائه، ويقدّمها في البِرّ والكرامة عليهنّ، فلما بلغ من ذلك أمله جفاها واطّرحها وقَلاها، فكتبت إليه:
أين ذاك الوُدُّ والقَبول، ... وأين ما كنتَ لنا تقول؟
فكتب إليها:
قد قال في أشعاره لَبيدُ: ... يا حبّذا الطارف والتليد
فعلمت أنه لا حاجة له فيها. فهذا في القُبح يتجاوز غدر النساء، ويعلو على كثير من جنايات الإماء، وإنهنّ، والله، على ما فيهن من الغدر والخيانة والشرّ، لربما عَشِقن فاشتهرن، ووفين فأحسنّ.
وفاء النساء
وإن من حُسن ما بلغ من وفائهن ما صنعتْه ابنة الفَرافِصة مع عثمان بن عفان، رضي الله عنه، وكان من قصّتها أن سعيد بن العاص تزوج هند ابنة الفَرافِصة بن الأحوص بن عمرو بن ثعلبة بن الحرث بن حصن بن ضمضم بن عدي بن جناب الكليبة، فبلغ ذلك عثمان بن عفان، فكتب إلى سعيد: أما بعد، فقد بلغني أنك تزوّجتَ امرأةً من كلب، فاكتب إليّ بنسبها وجمالها. فكتب إليه سعيد: أما بعد، أما نسبُها، فه ابنة الفَرافِصة بن الأحوص، وأما جمالها، فبيضاء، مَديدة، والسلام. فكتب إليه عثمان: إن كانت لها أختٌ فزوِّجْنيها. فبعث سعيد إلى أبيها، فخطب إليه إحدى بناته على عثمان، فقال الفَرافصة لابن له يُدعى ضبّاً، وكان قد أسلم، وأبوه نصراني: يا بُنيّ! زوّج
اسم الکتاب : الموشى = الظرف والظرفاء المؤلف : الوشاء الجزء : 1 صفحة : 107