اسم الکتاب : الموشى = الظرف والظرفاء المؤلف : الوشاء الجزء : 1 صفحة : 10
وكان يقال: لسانك عبدك، فإذا تكلمت صرت عبده. وقال بعض الحكماء: أنا بالخيار ما لم أتكلم، فإذا تكلمت صار الكلام علي بالخيار. وقال آخر: لساني في حبس بدني ما لم أطلقه على نفسي، فإذا أطلقته صار بدني في حبس لساني. وقال آخر: الكلمة أسيرة في وثاق الرجل، فإذا تكلم بها صار في وثاقها. وقال الشعبي: أنا على اتباع ما لم أوقع أقدر مني على ردّ ما أوقعت. وتكلم أربعة من الملوك بأربع كلمات، خرجن كلهن بمعنى. فقال كسرى: أنا على قول ما لم أقل أقدر مني على رد ما قلت. وقال قيصر: لا أندم على ما لم أقل، فإنما أندم على ما قلت. وقال ملك الصين: إذا تكلمت بالكلمة ملكتني، ولم أملكها. وقال ملك الهند: عجبت لمن يتكلم بالكلمة إن حكيت عنه ضرته، وإن لم تذكر لم تنفعه. وقال امرؤ القيس:
إذا المرء لم يخزن عليه لسانه، ... فليس على شيء سواه بخزان
وقالت الفلاسفة: اللسان خادم القلب. وقالت العلماء: اللسان كاتب القلب، إذا أملى عليه شيئاً أتى به. وأنشدني عبيد الله بن عبد الله بن طاهر:
رأيت لسان المرء راعي نفسه، ... وعاذره إن ليم، أو زل سائره
فمن لزمته حجة من لسانه، ... فقد مات راعيه وأفحم عاذره
ولئن كان السكوت جميلاً، لقد جعل الكلام جليلاً، ما لم يتعد المتكلم في
اسم الکتاب : الموشى = الظرف والظرفاء المؤلف : الوشاء الجزء : 1 صفحة : 10