أن وقعة من الوقائع، سبق فيها الزوايا حسان إلى غدير لا يوجد غيره من الماء، وكان النهار حارا. فلما رأوهم عنده، أحجموا عنهم، فأراد الزوايا أن يحملوا عليهم. فقال لهم الميمون، وكان شابا: دعوهم يشربوا، لئلا يقولوا: لولا العطش ما غلبونا، فتنحى عنهم الزوايا. فلما شربوا أفسدوه عليهم. فعطش الزوايا وكانت الدابرة عليهم. وكان الميمون هذا، من إدابلحسن. ويقال إنه جد أهل مكر. وأما من اعتزل الحرب: فقبائل كثيرة، منها أبناء أبييري.
ناصر الدين
لقب عالم من علماء أبناء ديمان. نصبه الناس رئيسا لذلك القتال، ولا أدرى اسمه. وكان صالحا ناسكا، فمات في تلك الحرب. ولهذه الحرب أيام مشهورة، لم تحضرني تفاصيلها. فمنها يوم ترتلاس (بتاء مثناة فوقية مكسورة وراء ساكنة
ومثناة فوقية مكسورة أيضا، ولام مشددة وبعدها ألف وسين مهمله ساكنة) اسم موضع. ومنها يوم اعليب الغظيا. اعليب تصغير علب، بالتصغير العامي، وهو الكثيب العظيم، وهي عربية، إلا أن العرب يخصونه بالمكان الذي لا ينبت، وأهل شنقيط، يطلقونه على المكان الغليظ مطلقا. والغظيا بمعنى القضاة. وقد ألف العلامة اليدالي، تأليفا في تلك الحرب مستوفى، إلا أني لم أره. وانتهت هذه الحرب بغلب الزوايا، لقلة معرفتهم بتدبير الحرب، بعدما كان النصر حليفهم. وأغلظ عليهم حسان في شروط الصلح. فمنها أن قبائل حسان من ذلك التاريخ، لا يحفرون الآبار، بل كل بئر للزوايا وردوا عليها، لهم ثلث مائها. ومنها إن المسافر منهم إذا نزل بحيّ من الزوايا يحملونه على دابة، حتى يصل إلى حيىّ آخر، حتى ينتهي إلى مقصده، إلا أن هذا لا يرضاه لنفسه أهل المناصب والأقدار من حسان. وهذه الحرب، هي التي ذكر امحمد بن الطلب صنيع قومه فيها، في عينيته المتقدمة. فقال: