اسم الکتاب : شرح لامية العجم المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 3
الناس بمدرسة ابن البقري داخل باب النصر في يوم الجمعة غالباً، ويفيد في مجلسه هذا أشياء حسنة من فنون العلم، وبجامع الظاهر في الحسينية بعد عصر الجمعة غالباً، ودرس أيضاً بمكة وأفتى وجاور فيها مدة سنين مفرقة، وسمع منه الصلاح الأقفهسي في جوف الكعبة، وتأهل فيها بأم أحمد فاطمة ابنة يحيى بن عياد الصنهاجي المكية، وولدت له أم حبيبة، وأم سلمة، وعبد الرحمن، وأول قدماته إليها على ما يروي السخاوي في موسم سنة اثنتين وستين وسبعمائة، وجاور بها حتى حج في التي بعدها، ثم جاور بها أيضاً في سنة ثمان وستين، قدمها مع الرجبية، فدام حتى حج ثم قدمها في سنة اثنتين وسبعين، فأقام بها حتى حج في التي بعدها، ثم قدم مكة في موسم سنة خمس وسبعين؛ فأقام بها حتى حج في التي تليها، ثم قدمها في موسم سنة ثمانين؛ وأقام بها حتى حج في التي بعدها، ثم قدمها في سنة تسع وتسعين؛ وأقام حتى حج في التي بعدها، وانفصل عنها فأقام بالقاهرة.
قال المقريزي في عقوده: صحبته سنين، وحضرت مجلس وعظه مراراً؛ لإعجابي به، وأنشدني وأفادني، وكنت أحبه ويحبني في الله؛ لسمته وحسن هديه، وجميل طريقته ومداومته على العبادة، لقيني مرة فقال لي: رأيت في المنام أني أقول لشخص لقد بعد عهدي بالبيت العتيق، وكثر شوقي إليه، فقال، قل: لا إله إلا الله الفتاح العليم الرقيب المنان، فصار يكثر ذلك فحج في تلك السنة رحمه الله وإيانا ونفعنا به.
قال الحافظ شهاب الدين ابن حجر في المعجم: وكان له حظ من العبادة تلاوة وصياماً ومجاورة في الحرمين مكة والمدينة. واشتهرت عنه كرامات، وأخبار بأمور مغيبات يسندها إلى المنامات تارة، وإلى بعض الشيوخ أخرى، وغالب الناس يعتقد أنه يقصد بذلك الستر.
ويقال أنه كان في صباه أكولاً نهماً ثم صار بحيث يطيق سرد الصيام، وله أذكار يواظب عليها وعنده خشوع وخشية وبكاء عند ذكر الله سبحانه، وقد تزوج بابنتيه الجمال محمد، والجلال عبد الواحد بن إبراهيم بن أحمد بن أبي بكر المرشدي المكي الحنفي، واستولداهما، الأول أبا الفضائل محمداً وعبد الرحمن، والثاني عبد الغني وغيره. ومما ينسب إليه:
بمكارم الأخلاق كن متخلقاً ... ليفوح ند شذائك العطر الندي
وصدق صديقك إن صدقت صداقة ... وادفع عدوك بالتي فإذا الذي (1)
(1) يعني ما جاء في الآية 34 من سورة فصلت: [وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ]
اسم الکتاب : شرح لامية العجم المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 3