responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح لامية العجم المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 29
قضى أحدكم نهمته فليعجل الرجوع إلى أهله، ومما يؤكد مشقة الغربة قوله عليه السلام: موت الغربة شهادة، لأنه حصل له ما حصل للقتيل في سبيل الله عزَّ وجلَّ، والمبطون والمطعون، والغريق والميت عشقا، والميتة في الطلق.
قلت: ثم اعلم أنَّ الميت على أربعة أقسام: شهيد الدنيا والآخرة، وليس شهيد فيهما، وشهيد في الدنيا دون الآخرة، وعكسه، فالأول مَنْ قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، والثاني مَنْ مات حتف أنفه، وشهيد في الدنيا دون الآخرة مَنْ قُتل رياءً وسمعة؛ فيجري عليه في الدنيا أحكام الشُّهداء مِنْ عدم غسله، والصلاة عليه، وفي الآخرة لا يكون مع المخلصين، وعكسه المبطون، والغريق، والغريب، ومن ذكر / آنفا، ففي الدنيا لا نعطيه حكم [16 أ] الشهداء، بل هو في الآخرة مع الشهداء، واعلم أنَّ الميت عشقا ليس للفقهاء دليل على أنه شهيد إلاّ حديث: مَنْ عشِق فعفَّ [1]، وقد رواه الدارمي في جزئه، وفي طريقه سويد بن سعيد الحدثاني، وهو من شيوخ مسلم، إلاّ أنَّ يحيى بن معين ضعَّفه، وقال فيه: لو ملكت فرسا ورُمحا لقاتلته بسبب هذا الحديث.
قال الشارح: ورأيت بعض الناس إنما سُمِّي نور الدين الشهيد؛ لأنه أحبَّ مملوكا، وعفَّ عنه؛ فأكمده الحب؛ فقتله: (من الطويل)
خليليَّ هل خُبِّرتُما أوْ سمعْتُما ... بأنَّ قتيلَ الغانياتِ شهيدُ (2)
وقد استعار الناظم الحنين للرحل، كما استعاره لصدور الأسنة من الرماح؛ طلبا للمبالغة، لأنه إذا كانت الأشياء التي لا تعقل، ولا تدرك، حصل منها الحنين، فالعاقل المدرك بطريق أولى، كما قال أبو الطيب [3]: (من الطويل)
يُخَيَّلُ لي أَنَّ البِلادَ مَسامِعي ... وَأَنِّيَ فيها ما تَقولُ العَواذِلُ
معناه أنّ العاذل ما له كلمة مستقرّة في أذن المحب، قد كان الناظم من كثرة الأسفار كما قال الشاعر [4]: (من البسيط)
كَريشَةٍ بِمَهَبِّ الريحِ ساقِطَةٍ ... لا تَستَقِرُّ عَلى حالٍ مِنَ القَلَقِ
وقال ابن اللبانة [5]: (من البسيط)
كأنما الأرض عني غير راضية ... فليس لي وطن فيها ولا وطر
وبالغ شهاب الدين المناوي في قوله [6]: (من البسيط)

[1] وتمامه: من عشق فعف فكتم فمات فهو شهيد
(2) ذكر ابن أبي حجلة هذا البيت في ديوان الصبابة، ص 564/ (م)، بلا عزو، وكذا السيوطي في كتابه الأزهار فيما عقده الشعراء من الأحاديث والآثار، ص 72/ (م).
[3] ديوانه 1/ 78
[4] للمتنبي، ديوانه 1/ 275
[5] ديوانه / (م)
[6] البيتان في الغيث المسجم 1/ 170
اسم الکتاب : شرح لامية العجم المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 29
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست