ويروى وابن أم عمرو.
فأمهل الناس حتى إذا مات معاوية واضطرب الأمر، نهض بنو عبد الله بن دارم فأخذوا هبيرة بن
ضمضم، فقالوا: قتلت عمرو بن عوف. فقال: إنما كنت عبداً مأموراً، والله ما أردتُ قتله، وإنما بَوّأت
له بالرمح ليستأسر، فحمل نفسه على الرمح، ودفع اليهم مزاد بن الأقعس ابن أخيه رهينة بالرضا،
وكان مزاد غلاماً حديث السن، فلما فارق هبيرة الحي، دعا عوف غلاماً له أسود يقال له نُبيه، فأمره
بضرب عنق مزاد، ففعل. فخرج أحد الأقعسين الأقعس أو هبيرة يطلب عوفاً بدم مزاد، فأتاه ليلا فلما
دنا منه هابه فرماه بسهم، فأصاب ركبته ثم انصرف، فعرج عوف من الرمية، فقال الفرزدق:
لو كنتَ بالمغلوبِ سيفَ ابنَ ظالمٍ ... ضربتَ أبا قيسٍ أرَنَّتْ أقارِبُهُ
ولكن وجدتَ السَّهمِ أهونَ فُوقَةً ... عليكَ فقد أودَى دمٌ أنت طالِبُه
حَسِبتَ أبا قيسٍ حمارَ شَريعَةٍ ... قَعدْتَ له والصُّبحُ قد لاحَ حاجِبُه
فإنْ أنتُما لم تجعلا بأخيكُما ... صَدىً بينَ أكماعِ السباقِ يُجاوِبُه
فليتَكُما يا ابنَي سُفينَةَ كُنتما ... دماً بينَ رجَلَيها تسيلُ سَبَائِبُهُ