من شعابه، فقعقوا بالسلاح للنعم فذعرها ذلك، وحُمل على
الجيش فردوا وجوههم، واتبّعتهم خيل بني يربوع، تقتل وتطعن، فأدرك طارق بن ديسق بن حصبة
بن أزنم قابوس بن المنذر، فاعتنقه وضرب طارق فرس قابوس بالسيف على وجهها، فأطن جحفلتها،
ومضى حتى ذبحها، واحتطّه عن السرج. وشد عمرو بن جوين بن أهيب بن حميري بن رياح على
حسان أخي المنذر فأسره وهُزم الجيش، وأُخذت الأنهاب، وقُتل يومئذ أبو مندوسة المجاشعي لا يُدرى
من قتله. فصبّح الملك تلك الغداة التي قال في ليلتها شهاب. رجل انهزم من أول الجيش، على بعير،
فأخبره ما قال له شهاب لم يخرم منه شيئاً. فدعا شهاباً، فقال: يا شهاب: أدرك ابني وأخي، فإن
أدركتهما حيّين فلبني يربوع حكمهم، وأرد عليهم ردافتهم، وأُهدر عنهم ما قتلوا، وأهنئهم ما غنموا
وأحمل لهم من قُتل منهم، فأعطيهم بها ألفي بعير. فخرج شهاب، فوجد الرجلين حيين، قد جُزّت
ناصية قابوس جزّها طارق، فقال قابوس لطارق: إن الملوك لا تُجزّ نواصيها. قال: قد قال ذاك ابن
المتمطر لابن عمك حين أسره ثم أطلقه فكفره.
لو خِفتُ أن تُدعَى الطَّلاقةُ غيرهَا ... لَقِظْتُ ودوني بطنُ جوٍّ ومِسْطَحٌ
فهل مَلِكٌ في الناسِ بعدكَ مُطلَقٌ ... له لِمَّةٌ إلا هوَ اليومِ أجلَحُ
وإن شهاباً أتاهم فضمن لهم ما قال لهم المنذر، فرضوا، وعادت الردافة إلى ابن عتّاب بن هرمي،
فلم تزل لهم حتى مات الملك، وقال شريح بن الحارث اليربوعي:
وكنتُ إذا ما بابُ مَلكٍ قَرَعتُهُ ... قرعتُ بآباءٍ أُولي شَرفٍ ضَخمِ
بأبناءِ يربوعٍ وكان أبوهُمُ ... إلى الشَّرفِ الأعلى بآبائه يَنمي
همُ مَلكُوا أملاكَ آل مُحَرَّقٍ ... وزادوا أبا قابوسَ رَغماً على رَغمِ