اسم الکتاب : ضرائر الشعر المؤلف : ابن عصفور الجزء : 1 صفحة : 154
لا ينبغي أن يحمل كلامه على عمومه، لما ذكره أبو علي من أنها لا تكاد تجيء بغير (أن) إلا في ضرورة. وأيضاً فإن القياس يقتضي أن لا يجوز ذلك إلا في الشعر، لأن استعمالها بغير (أن) إنما هو بالحمل على (كاد)، لشبهها بها من حيث جمعتها المقاربة، و (كاد) محمولة في استعمالها بغير (أن) على الأفعال التي هي للأخذ في الفعل، نحو: جعل يفعل، وطفق يفعل، من جهة أنها لمقاربة ذات الفعل، فقربت لذلك من الأفعال التي هي للأخذ في الفعل. وليست (عسى) كذلك، لأنها فيها تراخياً، ألا ترى أنك تقول: عسى زيد أن يحج العام الآتي. وإنما عدت في أفعال المقاربة مع ما فيها من
التراخي، من جهة أنها تدخل على الفعل المرجو، والفعل المرجو قريب بالنظر إلى ما ليس بمرجو. فلما كانت محمولة في استعمالها بغير (أن) على ما هو محمول على غيره، ضعف الحمل فلم يجيء إلا في الضرورة.
ومنه: حذف حرف النداء من النكرة المقبل عليها، نحو قول (الراجز):
جارِيَ لا ... تستنكري عذيِري
يريد: يا جاري، وقول أبي نخيلة:
إذا اعوججن قلت ... صاحبْ قوم
يريد: يا صاحب، وقوله، أنشده الأصمعي:
كليه وجريه ضَباعِ وابشري ... بلحم امرئٍ لم يشهد اليومَ نَاصره
اسم الکتاب : ضرائر الشعر المؤلف : ابن عصفور الجزء : 1 صفحة : 154