responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : علوم البلاغة البيان، المعاني، البديع المؤلف : المراغي، أحمد بن مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 307
المبحث الرابع: في حسن الكناية وقبحها
الكناية تكون حسنة إن جمعت بين الفائدة ولطف الإشارة, كما تقدم لك من الأمثلة، وقبيحة إذا خلت مما ذكر، كقول الشريف الرضي يرثي امرأة:
إن لم تكن نصلا فغمد نصال
فهذا من رديء الكنايات، إذ هذا لا يفيد ما قصده من المعنى، بل ربما جر إلى ما يقبح من تهمتها بالريبة.
ونحوه قول أبي الطيب:
إني على شغفي بما في خمرها ... لأعف عما في سراويلاتها
قال ابن الأثير: فهذه كناية عن النزاهة والعفة، إلا أن الفجور أحسن منها، وما ذاك إلا من سوء تأليفها وقبح تركيبها، وقد أجاد الشريف فيما زلت فيه قدم أبي الطيب فجاء به على وصف حسن وقالب عجيب حيث قال:
أحن إلى ما يضمن الخمر والحلى ... وأصدف عما في ضمان المآزر
وقريب من بيت المتنبي قول الآخر:
وما نلت منها محرما غير أنني ... إذا هي بالت بلت حيث تبول

خاتمة:
اتفقت كلمة البلغاء على:
1- أن المجاز والكناية أبلغ من الحقيقة والتصريح؛ لأن الانتقال فيهما من الملزوم إلى اللازم فهو كدعوى الشيء ببينة.
2- وعلى أن الاستعارة أبلغ من التشبيه، ومن المجاز المرسل، لما فيهما من دعوى الاتحاد، وأن أبلغ أنواعها الاستعارة التمثيلية، ثم المكنية، لاشتمالها على المجاز العقلي الذي هو قرينتها.
3- وعلى أن الاستعارة سواء أكانت تمثيلية أم مكنية أم غيرها، أبلغ من الكناي؛، لأنها كالجامعة بين كناية واستعارة.
وليس معنى الأبلغية في كلا من هذه الأمور يفيد زيادة في المعنى نفسه لا يفيدها خلافه، بل المراد زيادة التأكيد في الإثبات.
قال الإمام عبد القاهر: فليست فضيلة قولنا رأيت أسدا على قولنا رأيت رجلا لا يتميز عن الأسد في جرأته وشجاعنه، أن الأول أفاد زيادة في مساواته للأسد في الشجاعة لم يفدها الثاني، بل هي أن الأول أفاد تأكيدا لإثبات تلك المساواة له لم يفده الثاني، وسر هذه المزية والفخامة أنك إذا قلت: رأيت أسدا كنت قد تلطفت لما أردت إثباته له من فرط الشجاعة حتى جعلتها كالشيء الذي يجب له الثبوت والحصول، وكالأمر الذي نصب له دليل يقطع بوجوده، وذلك أنه إذا كان أسدا فواجب أن تكون له تلك الشجاعة العظيمة، وكالمستحيل والممتنع أن يعرى عنها وإذا صرحت بالتشبيه فقلت: رأيت رجلا كالأسد، كنت قد أثبتها إثبات الشيء يترجع بين أن يكون وألا يكون، ولم يكن من حديث الوجوب في شيء.

اسم الکتاب : علوم البلاغة البيان، المعاني، البديع المؤلف : المراغي، أحمد بن مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 307
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست