اسم الکتاب : علوم البلاغة البيان، المعاني، البديع المؤلف : المراغي، أحمد بن مصطفى الجزء : 1 صفحة : 266
المبحث الثامن: في انقسام الاستعارة إلى عنادية ووفاقية
تنقسم الاستعارة باعتبار الطرفين إلى قسمين:
1- وفاقية، وهي التي يمكن اجتماع طرفيها المستعار منه والمستعار له في شيء واحد، وسميت بذلك لما بين طرفيها من الوفاق.
2- عنادية، وهي التي لا يمكن اجتماع طرفيها في شيء واحد، وسميت بذلك لتعاند الطرفين، وقد اجتمعتا في قوله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} [1] أي: من كان ضالا فهديناه، استعير الإحياء من معناه الحقيقي وهو جعل الشيء حيا للهداية التي هي الدالة على الطريق الموصل إلى المطلوب، والإحياء والهداية مما يمكن اجتماعهما إذ لا يوصف الميت بالضلال.
ومن العنادية الاستعارة التهكمية والتمليحية[2]، وهما ما نزل فيهما التضاد منزلة التناسب لأجل التهكم والاستهزاء، أو لأجل الملاحة والظرافة، نحو: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [3] استعيرت للبشارة، وهي الخبر بما يسر للإنذار الذي هو ضدها بإدخاله في جنس البشارة هزؤ وسخرية بهم، ونظيره كلمة نعاتبه في قول بشار:
إذا الملك الجبار صعر خده ... أتينا إليه بالسيوف نعاتبه4
والتحية في قول عمرو بن معد يكرب "تحية بينهم ضرب وجيع" والثواب في قولهم ما ثوابه إلا السيف.
ومنها أيضا استعارة اسم الموجود للمعدوم الذي بقيت آثاره الجميلة أو المعدوم أو لا شيء للموجود، إذا لم تنتج منه فائدة، ولم يحل منه بطائل من قبل أنه شارك المعدوم في عدم غنائه ونفعه كما قال أبو تمام:
هب من له يريد حجابه ... ما بال لا شيء عليه حجاب [1] سورة الأنعام الآية: 122. [2] الفارق بينهما أنه إن كان الغرض الحامل على استعمال اللفظ في ضد معناه الهزؤ والسخرية بالمقول فيه كانت تهكمية, وإن كان الغرض بسط السامعين وإزالة السآمة عنهم بواسطة الإتيان بشيء مستملح مستظرف كانت تمليحية. [3] سورة الانشقاق الآية: 24.
4 صعر خده: أماله عن الناس كبرا.
اسم الکتاب : علوم البلاغة البيان، المعاني، البديع المؤلف : المراغي، أحمد بن مصطفى الجزء : 1 صفحة : 266