اسم الکتاب : علوم البلاغة البيان، المعاني، البديع المؤلف : المراغي، أحمد بن مصطفى الجزء : 1 صفحة : 144
[4]- وإما لكمال فطنته حتى كأن غير المحسوس عنده محسوس، نحو:
تعاللت كي أشجى وما بك علة ... تريدين قتلي قد ظفرت بذلك1
أي: بقتلي، وكان من حقه أن يقول به لكنه ادعى أن قتله قد ظهر ظهور المحسوس، وإن كان المظهر غير اسم إشارة، فإما:
1- لزيادة تمكينه في ذهن السامع نحو: {اللَّهُ الصَّمَدُ} [2]، ونحو: {الْحَاقَّةُ، مَا الْحَاقَّةُ} [3]، وقول الحماسي:
شددنا شدة الليث ... غدا والليث غضبان
2- وإما للاستعطاف والخضوع الموجبين للشفقة، كقوله:
إلهي عبدك العاصي أتاكا ... مقرا بالذنوب وقد دعاكا
3- وإما لإدخال الروعة والمهابة في نفس السامع نحو: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [4]، لاندراج كل كمال تحت لفظ الجلالة فأجدر به أن يكون موضع النكلان.
4- وإما للتهكم والتعجب، نحو: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ، بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [5]، ثم قال بعد: {وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} 6، فالغرض شد النكير عليهم والتعريض بأنهم حقا أهل التمرد والعناد.
التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي للدلالة على تحقيق وقعه، نحو: {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ} ، فقد جعل المتوقع الذي لا بد من وقوعه بمنزلة الواقع، ومثله التعبير عنه باسم الفاعل نحو: {وَإِنَّ الدِّينَ [7] لَوَاقِعٌ} بدل يقع، أو باسم المفعول، نحو: {ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ} [8] بدل يجمع.
1 تعاللت: ادعيت العلة، أشجى: أحزن. [2] سورة الإخلاص الآية: 2. [3] سورة الحاقة الآية: 1. [4] سورة آل عمران الآية: 159. [5] و6 سورة ص الآيات 1 و2 و4. [7] أي: الجزاء حاصل، فوقوع الجزاء استقبالي "سورة الذاريات". [8] سورة هود الآية: 103.
اسم الکتاب : علوم البلاغة البيان، المعاني، البديع المؤلف : المراغي، أحمد بن مصطفى الجزء : 1 صفحة : 144