responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحة اليمن فيما يزول بذكره الشجن المؤلف : الشرواني، أحمد    الجزء : 1  صفحة : 193
منكن أن تذهبوا معي إلى وهدة بالقرب منه فتقفوا وتصيحوا بها فإذا سمع أصواتكن لم يشك أن بها ماء فيكب نفسه فيها فأجابتها الضفادع إلى ذلك فلما سمع الفيل أصواتهن في قعر الحفرة توهم أن بها ماء وكان على جهد من العطش فجاء مكبا على طلب الماء فسقط في الوهدة ولم يجد ما يخرجه منها فجاءت القنبرة ترفرف على رأسه وقالت أيها المغرور بقوته الصائل على ضعفي كيف رأيت عظيم حيلتي مع صغر جثتي وبلادة فهمك مع كبر جسمك وكيف رأيت عاقبة البغي والعدوان ومسالمة الزمان؟ فلم يجد الفيل مسلكاً لجوابها ولا طريقاً لخطابها، فلما أنهى القرد غاية ما ضربه للبوة من المثل أوسعته انتهاراً وأعرضت عنه استكباراً، ثم إن الغزالة انتقلت بما بقي من أولادها تبتغي لها مسكناً آخر وإن اللبوة خرجت ذات يوم تطلب صيداً وتركت شبلها فمر به فارس فلما رآه حمل عليه فقتله وسلخ جلده وأخذه وترك لحمه وذهب، فلما رجعت اللبوة ورأته مقتولاً
مسلوخاً رأت أمراً فظيعاً فامتلأت غيظاً وناحت نواحاً عالياً وداخلها هم شديد، فلما سمع القرد صوتها أقبل عليها مسرعاً فقال لها ما دهاك؟ فقالت اللبوة مر صياد بشبلي ففعل به ما ترى فقال لها لا تجزعي ولا تحزني وأنصفي من نفسك واصبري من غيرك كما صبر غيرك منك فكما يدين الفتى يدان وجزاء الدهر بميزان ومن بذر حباً في أرض فبقدر بذره يكون الثمر والجاهل لا يبصر من أين تأتيه سهام القدر فلا تجزعي من هذا الأمر وتذرعي له بالرضا والصبر، فقالت اللبوة كيف لا أجزع وهوقرة العين وواحد القلب وأي حياة تطيب لي بعده؟ فقال لها القرد أيتها اللبوة ما الذي كان يغديك ويعشيك قالت لحوم الوحوش؟ قال القرد فما لنا لا نسمع لتلك الآباء والأمهات صياحاً وصراخاً كما سمع منك ولقد أنزل بك هذا الأمر جهلك بالعواقب وعدم تفكرك فيها وقد نصحتك حين حقرت حق الجوار وألحقت بنفسك العار وجاوزت بقوتك حد الإنصاف وسطوت على الظبا الضعاف فكيف وجدت طعم مخالفة الصديق الناصح قالت اللبوة وجدته مرّ المذاق، ولما علمت اللبوة أن ذلك بما كسبت يدها من ظلم الوحوش رجعت عن صيدها وزمت نفسها وصارت تقنع بأكل النبات وحشيش الفلوات.
قال بعض الحكماء أمور الدنيا تجري على خمسة عشر وجهاً فخمسة منها بالعادة وهو الأكل

اسم الکتاب : نفحة اليمن فيما يزول بذكره الشجن المؤلف : الشرواني، أحمد    الجزء : 1  صفحة : 193
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست