responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خريدة القصر وجريدة العصر - أقسام أخرى المؤلف : العماد الأصبهاني    الجزء : 1  صفحة : 93
سمعت مجد العرب العامري يقول: حكي لي أنه كان شاعر شريف من مداح بهاء الدولة، منصور والد صدقة، وله عليه رسم قدره كل سنة مئة دينار وثوب أطلس وعمامة قصب وحصان. فلما توفي بهاء الدولة، جاء الشاعر، ووقف على طريق صدقة وهو راجع عن الصيد، وأنشد متمثلاً بهذه الأبيات، وهي في الحماسة:
لا تَقْرَبَنَّ الدَّهْرَ آلَ مُطَرِّفٍ ... لا ظالماً أبداً ولا مظلوما
قومٌ: رِباطُ الخيلِ بينَ بُيوتِهم ... وأَسِنَّة زُرق تُخَلْنَ نُجوما
ومخرَّقٌ عنه القميصُ، تَخالُهُ ... بين البُيوت من الحياء سقيما
حتّى إذا رفع اللِواء، رأيتَه ... تحتَ اللِواء على الخَميس زَعيما
فعرفه صدقة وقال: أنت الشريف؟ قال: أنا هو. قال: فأنشد في حالنا هذه شعراً. فأنشد أبياتاً، من جملتها:
نزَلتُ بهم يوماً وراوُوقُهم يَشِي، ... ومِرْجَلُهم يَغْلي، وشادِيهِمُ يشدو
وعندَهُمُ ما صرّع الخيل بالقَنا، ... وما خَطِف البازي، وما قنَص الفَهْدُ
فأمر بأن يضاعف رسمه، واستحضر في الوقت مئتي دينار إمامية من خزائنه وثوبين وعامتين وفرسين، وقال: ارجع إلى وطنك، لأني أعلم أن خلفك من لا يعذرك.
وفضائل سيف الدولة أكثر من أن تحصى، وفي ذكرها يستقصى.
الأمير أبو الأغر دبيس بن صدقة بن منصور بن دبيس الأسدي لقب ب سيف الدولة. من الطبقة الثالثة.
أكرم بالأغر أبي الأغر دبيس، أثبت في الهيجاء وأرزن في الوقار من أبي قبيس. أشجع من قيس، وفارس بني عبس. أسد أسدي، وضيغم مزيدي.
طلب المزيد، ورام العز الجديد، ولم يرضَ بمنصب والده، وما ورثه من قديم المجد وتالده، فخرج على الإمام المسترشد نوباً، فانهزم ووالى هربا، وتفرق من نجا من جنده أيدي سبا. ثم قضت بينهما تصاريف الزمن، فتارةً إثارة فتن وإبداء إحن، وطوراً رفع ما حل من محن، بهدنة على دخن، إلى أن استشهد المسترشد، وظن أنه من بعده يخلد، فقتله السلطان مسعود صبراً بعد قتل الإمام بشهر ب المراغة. وذلك يوم الأربعاء، الرابع عشر من ذي الحجة، سنة تسع وعشرين وخمس مئة.
قال الأمير أبو الفوارس بن الصيفي التميمي المعروف بن حيص بيص يشير إليهما، وكان الخليفة ودبيس أشقرين:
تعنّفُني في شُرب كأسي ضلالةً ... أَقِلّي، فبينَ الأحمرَيْنِ هِلالُ
وما حالة في الدّهر إلا ستنقضي ... ويعقُبُها بعدَ البقاء زوالُ
فكُرِي علَيَّ الكأس، يا مَيُّ، واعلمي ... بأنّ تصاريفَ الحياة خَيالُ
وكان دبيس ينشد كثيراً هذين البيتين:
إِنَّ اللياليَ منَاهلٌ ... تُطوَى وتبسط بينَها الأَعمارُ
فقِصارُهُنَّ مع الهموم طويلةٌ ... وطِوالُهنَّ مع السُّرور قِصارُ
قال السمعاني في تاريخه: قرأت في كتاب الوشاح: كتب بدران بن صدقة إلى دبيس وإخوته:
ألا، قُلْ ل منصور، وقُلْ ل مسيّب ... وقُلْ ل دُبَيْس: إنَّني لَغريبُ
هنيئاً لكم ماء الفُرات وطِيبُه ... إذا لم يكن لي في الفُرات نصيبُ
فأجابه دبيس:
أَلا قُلْ ل بدرانَ الّذي حنَّ نازعاً ... إلي أرضه، والحُرُّ ليس يَخيبُ
تمتَّعْ بأيّام السُّرور، فإنَّما ... عِذارُ الأَماني بالهموم مشيبُ
ولله في تلك الحوادث حكمة ... وللأرض من كأس الكرام نصيبُ
قال: وقرأت في الوشاح: أنشدني أبو الفتوح السرخسي، أنشدني دبيس لنفسه:
حبُّ عليّ بن أبي طالبٍ ... للنّاس مِقياس ومِعيارُ
يُخرج ما في أصلهم، مثلَما ... تُخرِج غِشَّ الذَّهبِ النّارُ
قال السمعاني: أبو الفتوح السرخسي لم يكتب وفاته.
الأمير منصور بن صدقة بن منصور الأسدي من الطبقة الثالثة.

اسم الکتاب : خريدة القصر وجريدة العصر - أقسام أخرى المؤلف : العماد الأصبهاني    الجزء : 1  صفحة : 93
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست