اسم الکتاب : خريدة القصر وجريدة العصر - أقسام أخرى المؤلف : العماد الأصبهاني الجزء : 1 صفحة : 79
استرجع الحسن العازب، وأطلع الأمن الغارب، ورفع من المجد ما هوى، ورقع من الجد ما وهى. لم أكن لأهدي حشف النخل، وحثالة النحل، إلى هجر الفضل العريق، ومغنى المعنى الدقيق.
ومن أخرى إلى صديق ب واسط: وصل كتاب فلان، أطال الله مديد بقائه، وأدام مشيد علائه، وأمن مخافة لأوائه، وقمع كافة أعدائه - ففضضته عن مثل لطائم العطر ذكاءً، ونظائم الدر استجلاءً، وريق النحل استحلاءً، وريق الوبل صفاءً، فأطلع من البهجة ما غرب، واسترجع من المهجة ما عزب. ومنذ انحدر به سفينه، وترحل عنه قطينه، ما قام لنا نادٍ إلا بذكره، ولا حام منا صادٍ إلا على بحره.
ومن أخرى إلى ولد أخيه: أوجب لبنات الصدر رقصاً، ولثبات الصبر نقصاً وللسكون تفلتاً، وللعيون تلفتاً، إلى من سلب النزوع عنه النزاع إليه، وأوجب الحنين نحو التحنن عليه. فإن كان صنوي مصدر نسبه جسماً، وصفوي بورد أدبه علماً، فأنا أحق بمصاقبته جواراً، وأرق في مصاحبته حواراً. وعمر الله أندية الأدب، بصائب قوله، وغمر أودية الأرب، بصوب طوله، ووفقه لفعل ما يجب، وأرانا فيه ما نحب، ما مكنته من النهوض عن أرضي، ولا سمح كلي بفراق بعضي. وقد كاتبته بكلمات ينزر عددها، ويغزر مددها، لتشير إلى العلم صنائع شوقه، وتثير من الجهل بضائع سوقه، وتعزف عما أسفر ليل الأسفار، إلى قراءة صبح الإسفار، ويقايس به نفائس ثمار الأدب، وخسائس أحجار الذهب.
ومن أخرى إليه: وصل كتاب فلان، فكان لصبري منهجاً، ولصدري مبهجاً، وللسعود مجدداً، وللجدود مسعداً، وللنفوس من شكال الوحشة مخلصاً، وللنفيس من إشكال العجمة ملخصاً. وكنت أرتقب عوده المقترب، فحالت المقادير، دون التقادير، وجاء المكتوب، بغير المحسوب، وأرجو أن تأتي العاقبة بالعافية، فتغنى به الأطلال العافية. ولولا اشتهار جنوح الأمر، وانتشار جناح العذر، لقلت: قطعه الفضول عن الفضل، ومنعه العدول عن العذل، واقتنع ببياض بلح النخيل، عن رياض ملح الخليل، ومكابرة الأجباس، عن مكاثرة الأجناس، وأنا أخفض له الجناح، وأرفع عنه الجناح. فإذا شرب من العلم فوق طوقه، وشب عمره عن طوقه، واتسق در سخابه، وفهق در سحابه، وأعادته محبة التربة، ومحنة الغربة، إلى منبت غرسه، ومبيت عرسه، أرخى عزالي مزاده، وأرجى بلاوه بلاده.
انتقش من شوك العجز في قدم تقدمك، وانتعش بالعلم قبل أن يحال بين لوحك وقلمك. ولم أجرك بسوط السوق، في شوط الشوق، لكوني ممن يعتقد خمود عزمك، لكن ليغدو إذكائي لضرمك، مقاوماً، لريح من يروح لك لائماً، فيقوم المنشط، حذاء المثبط.
ومن أخرى إليه:
كتابي، وعندي وحشةٌ لك فادِحَهْ ... ونارُ اشتياق في فؤاديَ قادحَهْ
فنُحْتُ على ضَنّ بقربك في النَّوى ... فها أَدمعي بعد ارتحالك سافِحَهْ
ورائحة البِرّ الّذي فيك والتُّقَى ... غدت بك عنّي، فلتكن بك رائِحَهْ
لتعبَقَ بالعلم الذَّي اشتقت عَرْفَه ... وتفْغِم مَنْ وافاك يطلُب رائِحَهْ
فبلّغك الله الذَّي أنت أهُله ... ولا بَرِحَتْ منك الفضائل رابِحَهْ
كتابي، والأشواق إليه دائمة، والآماق عليه دامية، والهموم على الجوانح جوانح، والجوارح فيها جوارح، فبر الله رداء الردى عن منكبي برده إلي، وأفاض من قربه سابغ برده علي، شكرت الباريء دقت حكمته، وجلت قدرته، على ما أنعم به عليه من سابغ ثياب السلامة، وسائغ شراب الكرامة.
ومن أخرى إليه: كتاب فلان، أحيا الله موات أرضه بجاري ماء علمه، وضوأ ظلمات بلاده بساري ضياء نجمه، وكسر بجلاده سوق سوق البدعة القائمة، وجبر بجداله عظم عظمة الشرعة السالمة، فهدى أبكار معانٍ سنية الألطاف، وأهدى ثمار بيان حسنة القطاف، بألفاظ تنقع الغليل، وتنفع العليل، ويهيج بهيج منثورها، بلابل بلابل مسحورها؛ ونشر من مطاوي التلف موتى أشواق، وقدح ولكن في حراق، فأعاده الله واضح الأسرة، وأعاد به نازح المسرة. كم نصيب مرفوض، من نصاب مفروض، ألعين إليه ممتدة، وعن سواه مرتدة، لا زال موفق العزم، مفوق السهم.
ومن أخرى إلى الحكيم المغربي: وصل كتاب فلان، أطال الله فرع عود عمره، وأطاب عرف عود ذكره، وحلى جيد الزمان بفرائد فوائده، وحلأ تهذيبه الإنسان عن مصايد مكايده، ما استخرجت أسفار، وخرجت أسفار.
اسم الکتاب : خريدة القصر وجريدة العصر - أقسام أخرى المؤلف : العماد الأصبهاني الجزء : 1 صفحة : 79