اسم الکتاب : خريدة القصر وجريدة العصر - أقسام أخرى المؤلف : العماد الأصبهاني الجزء : 1 صفحة : 77
خصائصُه لم تلق ملقى خَصاصة ... بِوادي بَوادِيها، فلم تَعْدُ واديا
أبوك الّذي أحيا، ليُحيي من العلى ... مَواتاً، فألفاه وزيراً مُواتيا
على ملك الدُّنيا وَقَفْت مطامِعي ... وفي مدحه أمسيتُ أقفو القوافيا
أَعُوم بِحارَ الشّعر، للدُّرّ صائداً ... شواردَه، فَأنثني عنه صاديا
وأعجز عن آيات معناه تالياً ... ولو أَنّني أَغدو ل سَحْبانَ تاليا
على أَنّني قد كنت حرّمن مدّةً ... مَواردَه، حتّى قرأت فَتاويا
بعدل إِمام، يقصُر الوصفُ دونَه، ... ويرخُص غاليه وإن كان غاليا
فإن شملتني من عطاياه نعمةٌ، ... تروّح لي بالاً، وتُنعش باليا
أبانَ ضياءُ الشُّكر لي عن مديحه ... مَعانيَ، تَبني لي لديه المَعاليا
وقد تمنَحُ الشَّمس الهَباء خَوافياً ... فيرقَى، وتبدي منه ما كان خافيا
ومستنجداً بالله ظلَّ إِمامُنا ... فما ضَلَّ، بل أضحى إلى الحقّ هاديا
عظيم المزايا، يبتني المجد عالياً ... كريم السَّجايا، يشتري الحمد غاليا
له عزمةٌ، كالهُنْدُوانيّ ماضياً ... ورأيٌ، إلى رِيّ الهدى ليس ظاميا
إمام هدى زاكٍ. فمن جاء جانباً ... لغير ثمارِ حبّه، جارَ جانيا
ومَن جاءه يوماً على الملك صائلاً ... غدا في غَداة الهُلْك للنّار صاليا
لقد قام بالحقّ الذي كان قاعداً ... وأورى زِناداً للهدى متواريا
وردَّ مُعار المال، حتّى لقد غدت ... خزائنه من العواري عواريا
فصار وليّاً للقلوب محبّةً ... وكان على أجسادها قبلُ واليا
وأولى مواليه ملابس عزّة ... وكان لِما يولي الموالي مواليا
سَرَوْا مَلْبَسَ الحُزنِ الّذي كان شاملاً ... وسُرُّوا، وأضحوا يُظهرون التَّهانيا
أرى خِلَعاً، جاءت على إِثْر بيعة ... لخير إِمام يجعَلُ الرَّوْعَ باديا
لِيَهْنَ مواليه عطاءً أَزَلَّهُ، ... أزال به حسّادهم والأعاديا
وكم مائنٍ في العَقد، أشبه مانياً ... فما نال منه من أمان أمانيا
عدا عادياً في الشَّرع، للشَّرّ واعياً ... وفي كل ما لن يُرضيَ الله غاويا
يَبيت لِما يهوَى على النّاس قاضياً ... ويُصبح في الدُّنيا عن الدّين قاصيا
فلمّا انجلت تلك الغيَابة، وانجلت ... مَخاريقُه، أضحى عن الأرض جاليا
ولم يُلْفِ لمّا أَنْ رأيناه حانياً ... عليه امْرَءاً من سائر الناس حانيا
وكم سُنَّةٍ كانت على الملك سُبَّةً ... وقد كان، لولاها، من العار عاريا
وكم شائرٍ شُهْدَ الممالك غِيلَةً ... شَرى شَريْها، وضَلَّ إِذْ ظَلَّ شاريا
ولم يَكُ للخيرات في الملك باغياً ... ولكنْ عدا في باغِ دنياه باغيا
وعمّا قليلٍ يُصبح الأمر واهياً ... عليه، ويُمسي طَوْدُ علياه هاويا
ويجعله خُلف الخِلافة عِبرةً ... لمن قد حكاه في المَساوي مُساويا
وتغدو ملوك الأرض طوعَ خليفة ... شَفاها شِفاهاً حين قال مُناديا:
ألا كلُّ ما لا يقتضي الشّرع فعله ... فليس به أَمري مدى الدَّهر ماضيا.
فأصبح هذا القول في النّاس فاشياً ... وراح لأَدواء الرَّعِيَّة شافيا
فلا زال هذا الملك في النّاس دائماً ... ونَحرُ الّذي يَشْناهُ بالسّيف داميا
وأثبت من رسائله ما استملحته لما استلمحته، ولقطت من درر لفظه وما لفظه وخزنت من در مزنه إذ لحظته.
فمنها، من خطبة له في هذا المجموع، وهي:
اسم الکتاب : خريدة القصر وجريدة العصر - أقسام أخرى المؤلف : العماد الأصبهاني الجزء : 1 صفحة : 77