اسم الکتاب : خريدة القصر وجريدة العصر - أقسام أخرى المؤلف : العماد الأصبهاني الجزء : 1 صفحة : 134
تعيّرُني أَنّي جُنِنتُ ب عَزَّةٍ ... وما علِمتْ أَنّ الجنونَ بها عقلُ
لَئِنْ كان حبُّ المالكيَّة مُورِثي ... خَبالاً، فلا أَنْفَكُّ يعتادني الخَبْلُ
وإن شغَلَ النّاسَ الأماني ونيلُها ... فعندي عن نيل الأماني بها شغلُ
وإن عافَ غيري المنعَ والبخلَ، إِنَّني ... يقرّبُها من قلبيَ المنعُ والبخلُ
وأنشدني أيضاً لنفسه:
تمنّ لعيني أَنْ تملَّتْ بنظرة ... وذاك لعيني من سلامَ كثيرُ
غرامي بها مستحكم ومحكّم ... على مُهْجَتي، فيما تشاءُ، قديرُ
لها، إِن تجنَّتْ، من فؤاديَ عاذرٌ ... وعندَ الرِّضا والٍ عليَّ أميرُ
فقلبي على قرب المَزارِ وبُعدِه، ... إلى حبّها دونَ الأَنام يُشيِرُ
هوىً، غارَ في قلبي، وإن انتزاعه ... عليَّ، وقد حكّمته، لَعَسيِرُ
وأنشدني لنفسه إلى صديق، له جاريتان: تسمى إحداهما عوضاً، والأخرى نظاماً، من أبيات:
قل لقلبينا ومَن عقَّهما: ... كيف يَبْرا الدّاءُ، والدّاءُ عُقامُ؟
هل لِما أتلفت إلا عِوَضٌ؟ ... ولشَمْلٍ بَدَدٍ إلا نِظام؟
وأنشدني لنفسه في المعنى:
كَمَدِي عجيبٌ، ما سمِعتُ بمثله ... في يقظتي أبداً، ولا أحلامي
تشتيتُ شملي في نِظامَ، وهل رُئِي ... جمعٌ تشتَّتَ شملُه بنِظامِ؟
وأنشدني لنفسه:
قضى الدَّهرُ منّيَ أوطارَهُ ... وطاحت بقلبيَ أَخطارُهُ
وغُودرتُ من بَعْد بَيْنِ الخَلِيطِ ... تَأَجَّجُ في كبِدي نارُهُ
وأقدمَ بالبُعد أعوانُه ... وغابَ عن القرب أنصارُهُ
وحقَّتْ من الهجر آياتُه ... ومَحَّتْ من الوصل آثارُهُ
ومَن كان يُؤمنُني قربُه ... من البُعد شَطَّتْ به دارُهُ
ولم يبقَ لي غيرُ تَذْكار مَنْ ... يهيِّج شوقيَ تَذْكارُهُ
وعُدت أعاتبُ دهراً، يَزيدُ ... على الذَّنْب بالعتب إِصرارُهُ
سقى الله ليلاً، تراخت على ... بلوغ الأمانيّ أستارُهُ
نُفدَّى أوائلُه بالسُّرور ... وتُحَمدُ بالوصل أَسحارُهُ
وتغبَطُ أقمارنا في الدُّجَى ... إذا سَفَرت فيه أَقمارُهُ
وكلُّ شجي الصَّوت حلوِ الغِنا ... تحدّث باللحن أَوتارُهُ
وراحٍ، ترِفّعُ ثوبَ الظَّلامِ ... إذا احلولكتْ فيه أَقطارُهُ
عصاني النَّديمُ على شُربها ... وفي مثلها حلَّ إِجبارُهُ
وزارَ على رِقْبَة الكاشِحِي ... نَ، تجلو الدَّياجيَ أنوارُهُ،
غَرِيرٌ، حوى مُهْجَتي في يديه ... إذا ما حوى الخَصْرَ زُنّارُهُ
أُفِيضت على الغُصن أَثوابُهُ ... وزُرَّتْ على البدر أَزرارُهُ
تَجَلَّى لنا الشَّمسُ من وجهه، ... وِن رِيقه الشُّهْدُ نَشْتارُهُ
ونقتطفُ الوردَ من خدّه، ... ومن طَرْفه الخَمرُ نَمتْارُهُ
فما مالَ قلبيَ في رِيبة ... إليه، ولا عمَّني عارُهُ
إلى أن طوى الليلُ أثوابَهُ ... ونَمَّت على الصُّبح أسرارُهُ
وأنشدني لنفسه فيمن ينتحل الشعر ولا يحسنه:
ينغّصُ الشَعِرَ في صدري أخو كذب ... يقولُ ما قاله من قبله النّاسُ
ويدّعيه بلا فهم، يليم به، ... يعتلُّ منه على العِّلات أو ياسُو
هو الغنيُّ ولكن في معيشته، ... وفي بصيرته فقر وإفلاسُ
وله يهجو، أنشدنيه:
بأيِّ جُرمٍ وذنبِ ... عرَفْتُ سعدَ بْنَ وَهْبِ؟
أنكرتُ فضل عليٍّ؟ ... أم قلتُ: فرعونُ ربّي؟
شخصٌ، يَعِزُّ على الكل ... ب أَنْ يقاسَ بكلبِ
وأنشدني لنفسه أيضاً، في الهجو:
رأيت النَّهْشَليَّ أخا مِحالٍ ... وتمويهٍ، يَزيدُ، ولا يَبيدُ
اسم الکتاب : خريدة القصر وجريدة العصر - أقسام أخرى المؤلف : العماد الأصبهاني الجزء : 1 صفحة : 134