اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 563
إن هدف أمير المؤمنين الإصلاح وإطفاء الفتنة، وإن القتال ليس واردًا في تدابيره، لأنه إن حصل، فهو داء لا يُرجى شفاؤه، أما من يقتل بين الطرفين فهو مرهون بنيّته، سواء قاتل مع أمير المؤمنين أو قاتل ضده، وبذلك يقرر أمير المؤمنين أن المسلمين الذين خرجوا في هذا الأمر، بعد استشهاد عثمان - رضي الله عنه - يبتغون الإصلاح والقضاء على الفتنة مجتهدون وأجرهم على قدر إخلاص نواياهم ونقاء قلوبهم [1].
ثامنًا: محاولات الصلح:
قبل أن يتحرك على رضي الله عنه بجيشه نحو البصرة أقام في ذي قار أيامًا، وكان غرضه - رضي الله عنه - القضاء على هذه الفرقة والفتنة بالوسائل السلمية، وتجنيب المسلمين شر القتال والصدام المسلح بكل ما أُوتى من قوة وجهد، وكذلك الحال بالنسبة لطلحة والزبير، وقد اشترك في محاولات الصلح عدد من الصحابة وكبار التابعين ممن اعتزلوا الأمر، منهم:
1 - عمران بن حصين رضي الله عنه: فقد أرسل في الناس يخذل الفريقين جميعًا، ثم أرسل إلى بنى عدى - وهم جمع كبير انضموا للزبير - فجاء رسوله وقال لهم في مسجدهم: أرسلني إليكم عمران بن حصين صاحب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ينصحكم ويحلف بالله الذي لا إله إلا هو لأن يكون عبدًا حبشيًّا مجدعًا يرعى أعنزًا في رأس جبل حتى يدركه الموت، أحب إليه من أن يرمى في أحد من الفريقين بسهم أخطأ أو أصاب، فأمسكوا فدى لكم أبى وأمي. فقال القوم: دعنا منك، فإنا والله لا ندع ثقل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لشيء [2] أبدًا.
2 - كعب بن سور: أحد كبار التابعين، فقد بذل كل جهد، وكلف نفسه فوق طاقتها، وقام بدور يعجز عنه كثير من الرجال، فقد استمر في محاولة الصلح [1] الإنصاف، د. حامد: ص (406). [2] الطبقات لابن سعد (4/ 87)، خلافة على، عبد الحميد: ص (148).
اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 563