responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 55
تامة لا تعدلها ثقة، واطمئنانًا إلى قدرات خاصة امتاز بها على قد لا تتوافر في غيره، فإنه لم يتردد حين دعاه الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لينام على فراشه، وهو يعلم أنه
ليس وراء ذلك إلا الموت الذي أعد له المشركون أشجع فتيان قريش ولم يسمح لنفسه
أن يفكر في العاقبة؛ لأنه يعلم أنه حين يكون فداء لرسول الله ينال بذلك شرفًا لا يناله
بغير هذا الطريق [1].

تاسعًا: هجرته:
لما أصبح على، رضي الله عنه، قام عن فراشه، فعرفه القوم وتأكدوا من نجاة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالوا لعلى: أين صاحبك؟ قال: لا أدري، أو رقيبًا كنت عليه؟ أمرتموه بالخروج فخرج. وضاق القوم بتلك الإجابة الجريئة وغاظهم خروج رسول الله من بين أظهرهم، وقد عموا عنه فلم يروه، فانتهروا عليًا وضربوه، وأخذوه إلى المسجد فحبسوه هناك ساعة، ثم تركوه [2] , وتحمل على ما نزل به في سبيل الله، وكان فرحه بنجاة رسول الله أعظم عنده من كل أذى نزل به، ولم يضعف ولم يخبر عن مكان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وانطلق على في مكة يجوب شوارعها باحثًا عن أصحاب الودائع التي خلفه رسول الله من أجلها، وردها إلى أصحابها، وظل يرد هذه الأمانات حتى برئت منها ذمة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهناك تأهب للخروج ليلحق برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد ثلاث ليال قضاهن في مكة [3].
وكان على في أثناء هجرته يكمن بالنهار فإذا جن عليه الليل سار حتى قدم المدينة، وقد تفطرت قدماه [4] , وهكذا يكون على رضي الله عنه، قد لاقى في هجرته من الشدة ما لاقى، فلم تكن له راحلة يمتطيها، ولم يستطع السير في النهار لشدة حرارة الشمس وفي مشي الليل ما فيه من الظلمة المفجعة والوحدة المفزعة، ولو أضفنا

[1] المصدر السابق نفسه: ص (426).
[2] تاريخ الطبري (2/ 374).
[3] تاريخ الطبري (2/ 382)، البداية والنهاية (7/ 335)، جولة تاريخية: ص (424).
[4] الكامل (2/ 106).
اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 55
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست