اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 510
ذلك: إن عثمان أخذها بغير حق، وهذا وصىّ رسول الله فانهضوا في هذا الأمر فحركوه، وابدءوا بالطعن على أمرائكم وأظهروا الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر تستميلوا الناس وادعوا إلى هذا الأمر [1] , وبث دعاته، وكاتب من كان في الأمصار، وكاتبوه ودعوا في السر إلى ما عليه رأيهم، وأظهروا الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وجعلوا يكتبون إلى الأمصار بكتب يضعونها في عيوب ولاتهم ويكاتبهم إخوانهم بمثل ذلك، ويكتب أهل كل مصر منهم إلى مصر آخر بما يصنعون، فيقرؤه أولئك في أمصارهم وهؤلاء في أمصارهم حتى تناولوا بذلك المدينة، وأوسعوا الأرض إذاعة، وهم يريدون غير ما يظهرون، ويسترون غير ما يبدون، فيقول أهل مصر: إنّا لفي عافية مما فيه الناس [2].
ويظهر في النص الأسلوب الذي اتبعه ابن سبأ، فهو أراد أن يوقع في أعين الناس بين اثنين من كبار الصحابة، حيث جعل أحدهما مهضوم الحق وهو على، وجعل الثاني مغتصبًا وهو عثمان، ثم حاول بعد ذلك أن يحرك الناس - خاصة في الكوفة- على أمرائهم باسم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، فجعل هؤلاء يثورون لأصغر الحوادث على ولاتهم، علمًا بأنه ركز في حملته هذه على الأعراب الذين وجد فيهم مادة ملائمة لتنفيذ خطته، فالقرَّاء منهم استهواهم عن طريق الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وأصحاب المطامع منهم هيّج أنفسهم بالإشاعات المغرضة المفتراة على عثمان؛ مثل تحيزه لأقاربه وإغداق الأموال من بيت مال المسلمين عليهم، وأنه حمى الحمى لنفسه إلى غير ذلك من التهم والمطاعن التي حرك بها نفوس الغوغاء ضد عثمان- رضي الله عنه- مع براءته، ثم إنه أخذ يحض أتباعه على إرسال الكتب بأخبار سيئة مفجعة عن مصرهم إلى بقية الأمصار، وهكذا يتخيل الناس في جميع الأمصار أن الحال بلغ من السوء ما لا مزيد عليه، والمستفيد من هذه الحال هم السبئية، لأن تصديق ذلك من الناس يفيدهم في إشعال شرارة الفتنة داخل المجتمع الإسلامي [3] , هذا وقد شعر عثمان [1] المصدر نفسه (5/ 348). [2] المصدر نفسه (5/ 348). [3] الدولة الأموية، يوسف العشى: ص (168)، مواقف الصحابة (1/ 330).
اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 510