اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 319
وفاطمة رضي الله عنهم، ومولد الخليفة، وكانوا ينحرون عند قبر الحسين الإبل والبقر والغنم [1].ولم يكن المسلمون قبل هذا التاريخ في القرون الثلاثة الأولى يقيمون الأضرحة، ولا يحتفلون بها، ولا أدل على ذلك من أن أكثر الصحابة رضوان الله عليهم دفنوا خارج البقيع في مصر والشام والعراق، لا تعرف قبورهم، ومن عرف قبره منهم، فمختلف فيه بين المؤرخين، وكُتاب السير، فكيف خفيت قبورهم عن أهل السير، وهم الصلحاء والعلماء وأعلام الهدى، الذين حملوا راية الدين والعلم، والجهاد والعبادة؟ لو كان للأضرحة في زمانهم وزمان تابعيهم ذكر لما خفي مكانها، ولما اختلف المؤرخون فيها، وفعل الناس لهذا الأمر بعد القرون الأولى خير القرون لا يكسبه مشروعية بحال، كيف وقد نهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن اتخاذ قبره عيدًا؟ فمن يفعل ذلك من الناس فإنما يفعل عين ما حذر منه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويحتج بعمله وعمل شيخه، ويقدمه على هدى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه، والله تعالى يقول: {لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات:[1]]، ويقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:63].
جـ- ارتباط المزارات بالتخلف والجهل: ارتفع شأن القباب والتوابيت - المضروبة على القبور - خلافًا لأمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بتسويتها، كما بين لنا أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه، وتفنن الناس في زخرفتها بالألوان الزاهية، ونصبت عليها ستائر الحرير كستائر الكعبة، وحرست بالأبواب الفاخرة وزودت بخزائن الحديد الثقيلة، لجمع ما يجود به الزائرون، وما ينفقونه على أصحاب الأضرحة من نذور، لتقضي حوائجهم وتتحقق آمالهم، وازدهرت الحياة للمتعيشين على خدمة الضريح وحراسته، رواة الكرامات، ورواة التحذير الصارم بسوء عاقبة كل من يحاول أن يشكك في سلامة ما يجرى، ومن المعروف أن التبجيل على هذا النحو للأضرحة لم يزدهر [1] المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (1/ 427، 490)، الغلو في الدين للغريانى، ص (103).
اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 319