اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 183
ثلاث، وإنما لم تكلمه لعدم الحاجة لذلك [1] , قال القرطبي صاحب المفهم في سياق شرحه لحديث عائشة المتقدم: ثم إنها (أي فاطمة) لم تلتق بأبي بكر لشغلها بمصيبتها برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولملازمتها بيتها، فعبر الراوى عن ذلك بالهجران، وإلا فقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث» (2)
, وهى أعلم الناس بما يحل من ذلك ويحرم، وأبعد الناس عن مخالفة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكيف لا تكون كذلك وهي بضعة من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وسيدة نساء أهل الجنة [3].
وقال النووي: وأما ما ذكر من هجران فاطمة أبا بكر - رضي الله عنه- فمعناه انقباضها عن لقائه، وليس هذا من الهجران المحرم، الذي هو ترك السلام والإعراض عند اللقاء، وقوله في هذا الحديث: (فلم تكلمه) يعنى في هذا الأمر، أو لانقباضها لم تطلب منه حاجة ولا اضطرت إلى لقائه فتكلمه، ولم ينقل قط أنهما التقيا فلم تسلم عليه ولا كلمته [4] , لقد انشغلت فاطمة - رضي الله عنها - عن كل شيء بحزنها لفقدها أكرم الخلق، وهي مصيبة تزرى بكل المصائب، كما أنها أنشغلت بمرضها الذي ألزمها الفراش عن أية مشاركة في أي شأن من الشئون فضلاً عن لقاء خليفة المسلمين المشغول - لكل لحظة من لحظاته - بشئون الأمة، وحروب الردة وغيرها، كما أنها كانت تعلم بقرب لحوقها بأبيها، فقد أخبرها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأنها أول من يلحق به من أهله [5] , ومن كان في مثل علمها لا يخطر بباله أمور الدنيا، وما أحسن قول المهلب الذي نقله العينى: ولم يرو أحد أنهما التقيا وامتنعا عن التسليم، إنما لازمت بيتها، فعبر الراوى عن ذلك بالهجران [6].
ومما يدل على أن العلاقة كانت وطيدة بين الصديق والسيدة فاطمة إلى حد أن زوجة أبي بكر أسماء بنت عميس هي التي كانت تمرض فاطمة بنت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، [1] الانتصار للصحب والآل: ص (434).
(2) البخاري رقم 6077 .. [3] المفهم (12/ 73). [4] شرح صحيح مسلم (12/ 73). [5] مسلم رقم 2450. [6] أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ: ص (108).
اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 183