responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 151
ثياب السفر عنهم، ولبسوا حللاً لهم يجرونها من الحبرة، وخواتيم الذهب، ثم انطلقوا حتى أتوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فسلموا عليه، فلم يرد عليهم السلام، وتصدوا لكلامه طويلاً، فلم يكلمهم، وعليهم تلك الحلل والخواتيم الذهب، فانطلقوا يتبعون عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف- رضي الله عنهما- وكانا على معرفة لهم، كانا يخرجان العير في الجاهلية إلى نجران، فيشتري لهما من برها وثمرها وذرتها، فوجدوهما في ناس من الأنصار في مجلس، فقالوا: يا عثمان، ويا عبد الرحمن إن نبيكم كتب إلينا بكتاب، فأقبلنا مجيبين له، فسلمنا عليه، فلم يرد علينا سلامنا، وتصدينا لكلامه نهارًا طويلاً، فأعيانا أن يكلمنا، فما الرأي منكما، أنعود؟
فقالا لعلي بن أبى طالب وهو في القوم: ما ترى يا أبا الحسن في هؤلاء القوم؟ قال: أرى أن يضعوا حللهم هذه وخواتيمهم، ويلبسوا ثياب سفرهم ثم يأتوا إليه، ففعل الوفد ذلك، فوضعوا حللهم وخواتيمهم، ثم عادوا إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فسلموا عليه، فرد سلامهم، ثم سألهم وسألوه فلم تزل بهم وبه المسألة [1]. وقالوا لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:كنا مسلمين قبلكم، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يمنعكم من الإسلام ثلاث: عبادتكم الصليب، وأكلكم الخنزير، وزعمكم أن لله ولدًا» [2] وكثر الجدال والحجاج بينه وبينهم، والنبي يتلو عليهم القرآن ويقرع باطلهم بالحجة، وكان مما قالوه لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ما لك تشتم صاحبنا وتقول: إنه عبد الله، فقال: «أجل إنه عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول»، فغضبوا وقالوا: هل رأيت إنسانًا قط من غير أب، فإن كنت صادقًا فأرنا مثله؟ فأنزل الله في الرد عليهم قوله سبحانه: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ - الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ} [آل عمران: 59، 60]. فكانت حجة دامغة شبه فيها الغريب بما هو أغرب منه [3] , فلما لم تُجد معهم المجادلة بالحكمة والموعظة الحسنة دعاهم إلى المباهلة [4] , امتثالاً لقوله تعالى: {فَمَنْ

[1] زاد المعاد (3/ 629 - 638).
[2] المصدر نفسه (3/ 633).
[3] المصدر نفسه (3/ 633).
[4] السيرة النبوية لأبى شهبة (2/ 547).
اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 151
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست