اسم الکتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 379
أى بقراءتك فيسمعِ المشركون فيسبوا القرآن، {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} عن أصحابك فلا يسمعون، {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [1].
3 - خرق الخضر للسفينة:
قال تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [الكهف: 79]. الاعتداء على ملك الغير بغير حق من الأمور المحظورة على وجه القطع في الشرع، لكننا رأينا الخضر عليه السلام يهوى على السفينة بالخرق الذي هو في ظاهر الحال تعييب، وإلحاق الخسارة بأهلها، ولما أنكر عليه موسى عليه السلامِ فعله، وقرره بالجميل الذي أسداه إليهما أهل السفينة حين أركبوهما بغير أجرة؛ بيَّن له أن المفسدة لم ترتكب إلا لما فيها من دفع مفسدة أعظم وهى غصب السفينة وذهابها جملة؛ حيث إن وراءهم ملكًا يأخذ كل سفينة سالمة من العيوب غصبًا، ولا شك أن ارتكاب ضرر يسير في الحال إذا كان فيه دفع لمفسدة أعظم في المآل، يعتبر أمرًا محمودًا، والشريعة جارية على ملاحظة النتائج ودفع المفاسد العظيمة المتوقعة في الآجل، حتى وإن كان ذلك بارتكاب مفاسد أقل منها في الحال، ثم إن مفسدة خرق السفينة وتعييبها يمكن تداركها بالإصلاح، بينما ذهاب ذات السفينة إذا تحقق؛ لم يتعلق بعودتها أمل [2].
4 - ومن مظاهر اعتبار المآل في السنة النبوية وشواهده، دفع أعظم المفسدتين بأدناهما، منها كالامتناع عن قتل المنافقين، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنا في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار فقال الأنصارى: يا للأنصار وقال المهاجرى: يا للمهاجرين؛ فسمعها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما هذا؟ " فقالوا: كسع رجل من المهاجرين رجلاً من الله، فقال الأنصارى: يا للأنصار؛ وقال المهاجرى: يا للمهاجرين؛ فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -: "دعوها فإنها منتنة"، قال جابر: وكانت الأنصار حين قدم النبى - صلى الله عليه وسلم - أكثر، ثم كثر المهاجرون بعد؛ فقال عبد الله بن أبي: أو قد فعلوا؟ والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فقال [1] أسباب النزول للواحدى، ص (223، 224). [2] اعتبار المآلات، ص (126).
اسم الکتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 379