اسم الکتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 100
في قلبه وتجلى ذلك في رسوخ الحقائق فيه، فعرف حقيقية العبودية، والنبوة، والموت، وفي ذلك الموقف العصيب ظهرت حكمته رضي الله عنه، فانحاز بالناس إلى التوحيد (من كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت) وما زال التوحيد في قلوبهم غضاً طرياً، فما إن سمعوا تذكير الصديق لهم حتى رجعوا إلى الحق [1]، تقول عائشة رضي الله عنها: فوالله لكأن الناس لم يكونوا يعلمون أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر رضي الله عنه فتلقاها منه الناس، فما يسمع بشر إلا يتلوها [2]. ولا شك أن هذه الحادثة أخذت مكانها الطبيعي في ذاكرة الحسن بن علي وأصبحت من ضمن ثقافته ومعرفته، فقد كان عمر الحسن عندما مضى رسول الله إلى الرفيق الأعلى سبع أو ثماني سنين وهو طور تنمو فيه مدارك الطفولة، وتكون فيه فكرة الطفل كالعدسة اللاقطة تنقل إلى ذاكرته كثيراً من المشاهدات والصور، والحسن من الأطفال الأذكياء وله من الاستعداد لأن يستوعب مجريات ذلك العهد ويفهم الغايات السامية والأعمال العظيمة، والمواقف المشهودة والقيم الكبرى التي قام بها الصديق، ولقد أثرت تلك الأعمال والمواقف على نفسية الحسن وتملك قلبه حب الصديق وسمّى أحد أبنائه عليه. ومن أهم الدروس التي تعلمها الحسن من وفاة النبي هي أن البقاء للمبادئ وليست للأشخاص وأهمية التعلق بالله وحده فهو الباقي وهو النافع والضار وهو على كل شئ قدير.
2 ـ سقيفة بني ساعدة:
لما علم الصحابة رضي الله عنهم بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة في اليوم نفسه وهو يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول من السنة الحادية عشرة للهجرة، وتداولوا الأمر بينهم في اختيار من يلي الخلافة من بعده [3]، والتف الأنصار حول زعيم الخزرج سعد بن عبادة رضي الله عنه، ولما بلغ خبر اجتماع الأنصار في سقيفة بني ساعدة إلى المهاجرين وهم مجتمعون مع أبي بكر لترشيح من يتولى الخلافة [4]، قال المهاجرون لبعضهم: انطلقوا بنا إلى [1] استخلاف أبو بكر الصديق صـ 160. [2] البخاري، رقم 1241، 242. [3] التاريخ الإسلامي (9/ 21). [4] عصر الخلافة الراشدة للعمري صـ 40.
اسم الکتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 100