responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 75
قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله ألا تدخلها عليهم عنوة، وايم الله لكأني بهؤلاء (يقصد أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قد انكشفوا عنك!!.
فقال أبو بكر: امصص بظر [1] اللات -وهي صنم ثقيف- أنحن نَفِرُّ عنه وندعه؟ [2] فقال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر، قال: أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك، وكان الصديق قد أحسن إليه قبل ذلك، فرعى حرمته ولم يجاوبه عن هذه الكلمة، ولهذا قال من قال من العلماء: إن هذا يدل على جواز التصريح باسم العورة للحاجة والمصلحة، وليس من الفحش المنهي عنه [3].
لقد حاول عروة بن مسعود أن يشن حربًا نفسية على المسلمين حتى يهزمهم معنويًا، ولذلك لوح بقوة المشركين العسكرية، معتمدا على المبالغة في تصوير الموقف بأنه سيؤول لصالح قريش لا محالة، وحاول أن يوقع الفتنة والإرباك في صفوف المسلمين؛ وذلك حينما حاول إضعاف الثقة بين القائد وجنوده، عندما قال للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أجمعت أوباشًا من الناس خليقًا أن يفروا ويدعوك، وكان رد الصديق صارمًا ومؤثرا في معنويات عروة ونفسيته، فقد كان موقف الصديق في غاية العزة الإيمانية التي قال الله فيها: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139].
ب- موقفه من الصلح:
ولما توصل المشركون مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الصلح بقيادة سهل بن عمرو، أصغى الصديق إلى ما وافق عليه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من طلب المشركين، رغم ما قد يظهر للمرء أن في هذا الصلح بعض التجاوز أو الإجحاف بالمسلمين، وسار على هدي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليقينه أن النبي لا ينطق عن الهوى، وأنه فعل لشيء أطلعه الله عليه [4].
وقد ذكر المؤرخون أن عمر بن الخطاب أتى رسول الله معلنًا معارضته لهذه الاتفاقية، وقال لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ألست برسول الله؟ قال: «بلى» قال: أو لسنا بالمسلمين؟ قال: «بلى» قال: أو ليسوا بالمشركين؟ قال: «بلى» قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا؟ قال:

[1] البظر: ما تقطعه الخاتنة من بُضْع المرأة عند ختانها.
[2] البخاري، كتاب الشروط في الجهاد، رقم: 2732.
[3] أبو بكر الصديق، محمد مال الله: ص 350.
[4] تاريخ الدعوة إلى الإسلام: 138.
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 75
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست