responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 42
التوحيد، وتصنع حضارة الإسلام الرائعة. [1] ولم يكن الصديق يقصد بعمله هذا محمدة ولا جاهًا، ولا دنيا، وإنما كان يريد وجه الله ذا الجلال والإكرام. لقد قال له أبوه ذات يوم: يا بني، إني أراك تعتق رقابًا ضعافًا، فلو أنك إذا فعلت أعتقت رجالاً جلدًا يمنعونك ويقومون دونك؟ فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: يا أبت، إني إنما أريد ما أريد لله عز وجل. فلا عجب إذا كان الله سبحانه أنزل في شأن الصديق قرآنا يتلى إلى يوم القيامة، قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى - وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى - فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى - وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى - وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى - فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى - وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى - إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى - وَإِنَّ لَنَا لَلآَخِرَةَ وَالأُولَى - فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى - لاَ يَصْلاَهَا إِلاَّ الأشْقَى - الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى - وَسَيُجَنَّبُهَا الأتْقَى - الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى - وَمَا لأحَدٍ عِنْدَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى - إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأعْلَى - وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل: 5 - 21].
لقد كان الصديق من أعظم الناس إنفاقا لماله فيما يرضي الله ورسوله.
كان هذا التكافل بين أفراد الجماعة الإسلامية الأولى قمة من قمم الخير والعطاء، وأصبح هؤلاء العبيد بالإسلام أصحاب عقيدة وفكرة يناقشون بها وينافحون عنها، ويجاهدون في سبيلها، وكان إقدام أبي بكر - رضي الله عنه - على شرائهم ثم عتقهم دليلاً على عظمة هذا الدين ومدى تغلغله في نفسية الصديق - رضي الله عنه -، وما أحوج المسلمين اليوم إلى أن يحيوا هذا المثل الرفيع، والمشاعر السامية؛ ليتم التلاحم والتعايش والتعاضد بين أبناء الأمة التي يتعرض أبناؤها للإبادة الشاملة من قِبَل أعداء العقيدة والدين.

سادسًا: هجرته الأولى وموقف ابن الدغنة منها:
قالت عائشة -رضي الله عنها-: لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طرفي النهار (بكرة وعشية)، فلما ابتلي المسلمون، خرج أبو بكر مهاجرًا نحو أرض الحبشة حتى برك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد

[1] التربية القيادية: 1/ 342.
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 42
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست