responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 39
وتفرغ للدعوة وملازمة رسول الله وإعانته على من يدخلون الدعوة في تربيتهم وتعليمهم وإكرامهم؛ فهذا أبو ذر - رضي الله عنه - يقص لنا حديثه عن إسلامه، ففيه: « ... فقال أبو بكر: ائذن لي يا رسول الله في طعامه الليلة، وأنه أطعمه من زبيب الطائف». (1)
وهكذا كان الصديق في وقوفه مع رسول الله يستهين بالخطر على نفسه، ولا يستهين بخطر يصيب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قل أو كثر حيثما رآه واستطاع أن يذود عنه العادين عليه، وإنه ليراهم آخذين بتلابيبه فيدخل بينهم وبينه، وهو يصيح بهم: «ويلكم، أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله؟» فينصرفون عن النبي وينحون عليه يضربونه، يجذبونه من شعره فلا يدعونه إلا
وهو صديع». (2)

خامسًا: إنفاقه الأموال لتحرير المعذبين في الله:
تضاعف أذى المشركين لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولأصحابه مع انتشار الدعوة في المجتمع المكي الجاهلي، حتى وصل إلى ذروة العنف وخاصة في معاملة المستضعفين من المسلمين، فنكلت بهم لتفتنهم عن عقيدتهم وإسلامهم، ولتجعلهم عبرة لغيرهم، ولتنفس عن حقدها وغضبها بما تصبه عليهم من العذاب. وقد تعرض بلال - رضي الله عنه - لعذاب عظيم، ولم يكن لبلال - رضي الله عنه - ظهر يسنده، ولا عشيرة تحميه، ولا سيوف تذود عنه، ومثل هذا الإنسان في المجتمع الجاهلي المكي يعادل رقمًا من الأرقام، فليس له دور في الحياة إلا أن يخدم ويطيع ويباع ويشترى كالسائمة، أما أن يكون له رأي أو يكون صاحب فكر، أو صاحب دعوة أو صاحب قضية، فهذه جريمة شنعاء في المجتمع الجاهلي المكي تهز أركانه، وتزلزل أقدامه، ولكن الدعوة الجديدة التي سارع لها الفتيان وهم يتحدون تقاليد وأعراف آبائهم الكبار لامست قلب هذا العبد المرمي المنسي، فأخرجته إنسانًا جديدًا في الحياة [3]، قد تفجرت معاني الإيمان في أعماقه بعد أن آمن بهذا الدين وانضم إلى محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وإخوانه في موكب الإيمان العظيم.
وعندما علم سيده أمية بن خلف، راح يهدده تارة ويغريه أطوارا، فما وجد عند بلال غير العزيمة وعدم الاستعداد للعودة إلى الوراء .. إلى الكفر والجاهلية والضلال، فحنق عليه أمية وقرر أن يعذبه عذابًا شديدًا، فأخرجه إلى شمس الظهيرة في الصحراء بعد أن منع عنه الطعام والشراب يومًا

(1) الفتح: 7/ 213، الخلافة الراشدة، يحيى اليحيى، ص 156.
(2) عبقرية الصديق للعقاد، ص 87. صديع: المشقوق الثوب.
[3] التربية القيادية، 1/ 136.
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 39
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست