responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 340
على إمضائه غير ظنين ولا متهم. [1] فقال طلحة والزبير وسعد وأبو عبيدة بن الجراح وسعيد بن زيد وجميع من حضر ذلك المجلس من المهاجرين والأنصار: صدق عثمان فيما قال، ما رأيت من رأي فامضه فإنا سامعون لك مطيعون لا نخالف أمرك، ولا نتهم رأيك ولا نتخلف عن دعوتك، فذكروا هذا وشبهه، وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في القوم لا يتكلم، فقال له أبو بكر: ما ترى يا أبا الحسن؟
فقال: أرى أنك مبارك الأمر، ميمون النقيبة [2]، وإنك إن سرت إليهم بنفسك أو بعثت إليهم نصرت إن شاء الله. فقال أبو بكر: بشرك الله بخير، فمن أين علمت هذا؟ قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «لا يزال هذا الدين ظاهرًا على كل من ناوأه حتى يقوم الدين وأهله ظاهرون» [3] فقال أبو بكر: سبحان الله ما أحسن هذا الحديث! لقد سررتني سرك الله في الدنيا والآخرة.
ثم إن أبا بكر - رضي الله عنه - قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه وذكره بما هو أهله، وصلى على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم قال: أيها الناس، إن الله قد أنعم عليكم بالإسلام وأعزكم بالجهاد، وفضلكم بهذا الدين على أهل كل دين، فتجهزوا عباد الله إلى غزو الروم بالشام، فإنني مؤمر عليكم أمراء وعاقد لهم عليكم، فأطيعوا ربكم ولا تخالفوا أمراءكم، ولتحسن نيتكم وسيرتكم وطعمتكم؛ فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون. [4] وأمر أبو بكر بلالاً فنادى في الناس: أن انفروا إلى جهاد عدوكم الروم بالشام [5].
من هذه المشورة تبين لنا منهج أبي بكر - رضي الله عنه - في مواجهة الأمور الكبيرة، حيث لم يكن يبتُّ فيها برأي حتى يجمع أهل الحل والعقد فيستشيرهم، ثم يصدر بعد ذلك عن رأي ممحص مدروس، وهذه هي سنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما مر معنا في السيرة النبوية، وحينما نتأمل في تفاصيل هذه المحاورة نجد أن الصحابة -رضي الله عنهم- قد أجمعوا على موافقة أبي بكر في غزو الروم، وإنما تنوعت وجهات نظر بعضهم في كيفية هذا الغزو؛ فكان رأي عمر إرسال الجيوش تلو الجيوش حتى تتجمع في الشام فتكون قوة كبيرة تستطيع أن تصدر للأعداء، وكان رأي عبد الرحمن بن عوف أن يبدأ الغزو بقوات

[1] يعني: لا نظن بك التقصير، ولا نتهمك في إخلاصك.
[2] النقيبة: الرأي والمشورة.
[3] البخاري، كتاب الاعتصام، رقم: 7311. مسلم، كتاب الإمارة رقم: 1533.
[4] تاريخ دمشق لابن عساكر: 2/ 63 - 65، نقلا عن الحميدي.
[5] تاريخ دمشق لابن عساكر: 2/ 63 - 65، نقلا عن الحميدي.
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 340
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست