اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 282
وفي معركة اليمامة لما اشتد القتال ولم يزد بني حنيفة ما قتل منهم إلا عنفًا وضراوة، برز حتى إذا كان أمام الصف دعا إلى المبارزة ونادى الناس بشعارهم يومئذ وكان: يا محمداه، فجعل لا يبرز له أحد إلا قتله ولا شيء إلا أكله [1]، فقد كان يرغب في النصر ويتحرى الشهادة، ولنترك لخالد يصف لنا جولة من المصارعة بينه وبين أحد جنود مسيلمة داخل حديقة الموت قال: ولقد رأيتني في الحديقة وعانقني رجل منهم وأنا فارس وهو فارس، فوقعنا عن فرسينا، ثم تعانقنا بالأرض، فأجؤه بخنجر في سيفي وجعل يجؤني بمعول في سيفه، فجرحني سبع جراحات، وقد جرحته جرحًا أثبته به فاسترخى في يدي وما بي حركة من الجراح، وقد نزفت من الدم إلا أنه سبقني بالأجل فالحمد لله على ذلك. [2] وقد شهد خالد لبني حنيفة على قوتهم وشدة بأسهم فقال: شهدت عشرين زحفًا فلم أر قومًا أصبر لوقع السيوف ولا أضرب بها ولا أثبت أقدامًا من بني جنيفة يوم اليمامة ... وما بي حركة من الجراح، ولقد أقحمت حتى أيست من الحياة وتيقنت الموت [3].
ثامنًا: محاولة قتل خالد بن الوليد وقدوم وفد بني حنيفة للصديق - رضي الله عنه -:
1 - محاولة قتل خالد بن الوليد:
على الرغم من وضوح باطل الجاهلية وزيفه فإنها لا تتخلى عنه بسهولة لأنه به ديمومة حياتها، ولذا ما إن تواجه بالحقيقة حتى تأخذ في الدفاع عن نفسها بشراسة ولا تلقي سيف القتال من يدها إلا بعد أن يسقط بالقوة [4]، وبعد ذلك تحاول الغدر ما استطاعت إلى ذلك سبيلا؛ فهذا سلمة بن عمير الحنفي يدلل بفعله على صحة ما ذهبت إليه، فقد حاول اغتيال خالد بن الوليد بعد الصلح الذي أجراه خالد مع بني حنيفة بشكل عام، إلا أنه من حقده الناقع للمسلمين فقد دبر خطة اغتيال خالد بن الوليد كجزء من سياسته في رفض التصالح معهم، ولما قبض عليه أول مرة وعاهد بني حنيفة ألا يعود مثلها نكث بعده، إذ أفلت ليلاً من وثاقه الذي أوثقوه به مخافة غدره، فعمد إلى عسكر خالد فصاح به الحرس وفزعت بنو حنيفة فاتبعوه فأدركوه في بعض الحوائط [1] البداية والنهاية: 6/ 329. [2] خالد بن الوليد، صادق عرجون: ص 180. [3] خالد بن الوليد، صادق عرجون: ص 180. [4] حركة الردة للعتوم: ص 292.
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 282