اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 270
غلبتموهم بالعدد غلبوكم بالمدد، ولستم والقوم سواء. الإسلام مقبل والشرك مدبر، وصاحبهم نبي وصاحبكم كذاب، ومعهم السرور ومعكم الغرور، فالآن والسيف في غمده والنبل في جفيره، قبل أن يسل السيف ويرمى بالسهم. (1)
ثم باشر خالد المهمة مع ثمامة بن أثال الحنفي، فمشى إلى قومه يدعوهم إلى الاستسلام، ويحطم عندهم روح القتال: «إنه لا يجتمع نبيان بأمر واحد، إن محمدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا نبي بعده ولا نبي مرسل معه، لقد بعث إليكم (يقصد أبا بكر) معه سيوف كثيرة، فانظروا في أمركم. [2] واهتم خالد بتدبير الخطط المحكمة، وكان - رضي الله عنه - لا يستخف بعدوه، وكان في ميدان المعركة على أهبة وحذر دائمين مخافة أن يفجأه عدوه بغارة غادرة والتفاف مكر، وقد وصف - رضي الله عنه - بأنه: كان لا ينام ولا يبيت إلا على تعبية، ولا يخفى عليه من أمر عدوه شيء. [3] وفي محاربته لمسيلمة -قبل معركة عقرباء- جعل طليعته مكنف بن زيد الخيل وأخاه حريثًا لجمع المعلومات اللازمة للمعركة، وقد حان ترتيب أمور جيشه فالموقف شديد الخطورة، ولا بد من أخذ الترتيبات اللازمة؛ فقد كان حامل الراية في هذه المعركة عبد الله بن حفص بن غانم، ومن ثم تحولت إلى سالم [4] مولى أبي حذيفة. ومعلوم أن الناس براياتهم كما قالت العرب فإذا زالت زالوا، وقد قدم خالد في هذه المعركة شرحبيل بن حسنة، وقسم الجيش أخماسًا؛ على المقدمة خالد المخزومي، وعلى الميمنة أبو حذيفة، وعلى الميسرة شجاع، وفي القلب زيد ابن الخطاب، وجعل أسامة بن زيد على الخيالة ووضع الظعن في المؤخرة وفيها الخيام والنساء [5]، وهذا الترتيب الأخير قبل المعركة.
رابعًا: المعركة الفاصلة:
ولما تواجه الجيشان قال مسيلمة لأتباعه وقومه قبيل المعركة الفاصلة: اليوم يوم الغيرة، اليوم إن هزمتم تستنكح النساء سبيات وينكحن غير حطيات، فقاتلوا على أحسابكم
(1) الحرب النفسية، أحمد نوفل: ص 144، 145. [2] الحرب النفسية، د: أحمد نوفل: 2/ 145. فن إدارة المعركة، محمد فرج: 138 - 140. [3] حركة الردة للعتوم: ص 199. [4] نفس المصدر السابق: ص 200. [5] نفس المصدر السابق: ص 200.
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 270