اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 229
إنه أسلوب فيه لَمْز بالفارسية المؤمنة آزاد، وكأنه يتهمها بالغدر لفارسيتها بالأسود العربي، ويأخذ عليها هذا الصنيع الذي كانت تظهر له فيه ما لا تخفي، إنه توجيه لحدث في غير محله [1]، وهذه المرأة الصالحة المسلمة قتل الأسود زوجَها المسلم وتزوجها غصبًا، وهي التي وصفت الأسود الكذاب بقولها: «والله ما خلق الله شخصا أبغض إليَّ منه، ما يقوم لله على حق ولا ينتهي عن محرم». [2] وهي التي جعلها الله تعالى سببا لهلاك الطاغية الأسود العنسي، فلولا الله ثم جهودها الميمونة ما استطاع فيروز وأصحابه قتل الأسود [3]، فالذي حركها لذلك العمل العظيم الذي فيه حتفها وموتها هو حبها لدينها وعقيدتها وإسلامها، وبغضها للأسود العنسي الكذاب الذي أراد أن يقضي على الإسلام في اليمن، فهذه صورة مشرقة مضيئة لما قامت به المرأة المسلمة في اليمن من الجهاد من أجل دينها.
أما الصورة الكالحة المظلمة التي قامت به بعض بنات اليمن من يهود أو من لف لفهن في حضرموت، فقد طرن فرحا بموت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأقمن الليالي الحمراء مع المجان والفساق يشجعن على الرذيلة ويزرين بالفضيلة، فقد رقص الشيطان فيها معهن وأتباعه طربًا لنكوص الناس على الإسلام والدعوة إلى التمرد عليه وحرب أهله [4]، لقد حنَّت تلك البغايا إلى الجاهلية وما فيها من المنكرات، وانجذبن إليها انجذاب الذباب إلى أكوام من الأقذار، فقد تعودن على الفاحشة في حياتهن الجاهلية، فلما جاء الإسلام حجزتهن نظافته عنها، فشعرن وكأنهن بسجن ضيق يكدن يختنقن فيه، ولذا ما إن سمعن بموته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى أظهرن الشماتة فخضبن أيديهن بالحناء، وقمن يضربن بالدفوف ويغنين فرحتهن؛ فقد تحقق لهن ما كن يتمنينه على السلطة الجديدة، وكان معظمهن من علية القوم هناك وبعضهن يهوديات، وقد كان لكلا الطرفين -أشراف القوم من العرب واليهود- مصلحة في الانتقاض على مبادئ الإسلام والانقضاض على كيانه. لقد عرفت هذه الحركة في التاريخ بحركة البغايا وكن نيفا وعشرين بغيًّا متفرقات في قرى حضرموت، وأشهرهن هر بنت يامن اليهودية التي ضرب المثل بها في الزنا، فقيل: «أزنى من هر». [1] الكامل في التاريخ: 2/ 310. [2] الكامل في التاريخ: 2/ 310. [3] حركة الردة للعتوم: ص 308. [4] حركة الردة للعتوم: ص 119.
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 229