اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 198
وقوله الذي لا خلف له: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ" [1] [النور: 55].
وقد أشار بعض الصحابة -ومنهم عمر- على الصديق بأن يترك مانعي الزكاة ويتألفهم حتى يتمكن الإيمان من قلوبهم، ثم هم بعد ذلك يزكون، فامتنع الصديق عن ذلك وأباه [2].
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: لما توفي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان أبو بكر - رضي الله عنه -، وكفر من كفر من العرب، فقال عمر - رضي الله عنه -: كيف نقاتل الناس وقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه [3]، وحسابه على الله»؟ فقال: والله لأقاتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقًا [4] كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لقاتلتهم على منعها. وفي رواية: والله لو منعوني عقالاً [5]، كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم على منعه. قال عمر: فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر فعرفت أنه الحق [6]، ثم قال عمر بعد ذلك: والله لقد رجح إيمان أبي بكر بإيمان هذه الأمة جميعًا في قتال أهل الردة. (7)
وبذلك يكون أبو بكر قد كشف لعمر -وهو يناقشه- عن ناحية فقهية مهمة أجلاها له وكانت قد غابت عنه، وهي أن جملة جاءت في الحديث النبوي الشريف الذي احتج به عمر هي الدليل على وجوب محاربة من منع الزكاة حتى إن نطق بالشهادتين، هي قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها». [8]، وفعلاً كان رأي أبي بكر في حرب المرتدين رأيًا ملهمًا وهو الرأي الذي تمليه طبيعة الموقف لمصلحة الإسلام والمسلمين، وأي موقف غيره سيكون فيه الفشل والضياع [1] البداية والنهاية: 6/ 316. [2] نفس المصدر السابق: 6/ 315. [3] بحقه: حق الإسلام. [4] عناقًا: الأنثى من ولد المعز. [5] عقالاً: هو الحبل الذي يعقل به البعير. [6] البخاري، رقم: 1400, مسلم، رقم: 20.
(7) حروب الردة، محمد أحمد باشميل: ص 24. [8] مسلم، رقم: 21.
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 198