اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 194
الذي تحولوا إليه، منها الردة على الأعقاب أو على الأدبار والانقلاب بالخسران وطمس الوجوه، ورد الأيدي في الأفواه والارتياب والتردد واسوداد الوجوه [1]، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [آل عمران: 149]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولا} [النساء: 47]، وجاء في تفسير ابن كثير: وطمسها أن تعمى وقوله: فنردها على أدبارها أي: تجعل لأحدهم عينين من قفاه، وهذا أبلغ في العقوبة والنكال، وهذا مثل ضربه الله لهم في صرفهم عن الحق وردهم إلى الباطل ورجوعهم عن المحجة البيضاء إلى سبيل الضلالة يهرعون ويمشون القهقري على أدبارهم [2].
وقال تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [آل عمران: 106].
نقل القرطبي فيها جملة آراء منها رأي قتادة أنها في المرتدين، كما نقل حديثًا لأبي هريرة وقال عنه: يستشهد به بأن الآية في الردة وهو: «يرد على الحوض يوم القيامة رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض فأقول: يا رب أصحابي! فيقول: إنك لا علم لك ما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقري». [3] وفي رواية أخرى لهذا الحديث عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات اليمين فأقول: أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح: وكنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم، فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم، فيقال: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم». (4)
ثانيًا: أسباب الردة وأصنافها:
إن الردة التي قامت بها القبائل بعد وفاة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لها أسباب، منها: الصدمة بموت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ورقة الدين والسقم في فهم نصوصه، والحنين إلى الجاهلية [1] حركة الردة: ص 18. [2] تفسير ابن كثير: 1/ 507، 508، طبعة الحلبي. [3] تفسير القرطبي: 4/ 166.
(4) الخصائص الكبرى للسيوطي: 2/ 456.
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 194