اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 151
أنهم كانوا يسلمون بأن النظام الذي أنشأه النبي -عليه الصلاة والسلام- واجب البقاء، وأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وإن مات فإنه خلف فيهم دينًا وكتابًا يسيرون على هديه؛ فرضاء الناس يومئذ يعبر عن إرادة الاستمرار في ظل النظام الذي أنشأه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - [1].
إن حكومة الصديق - رضي الله عنه - تمتع بها المسلمين زمنًا ليس بكثير، وعين أبو بكر حد السلطة العليا فيها بتلك الخطبة الراقية على مستوى أنظمة الحكم في ذلك العصر وفي هذا الزمن؛ فهي حكومة شورية قلَّ أن يجد طلاب الحرية والعدل في كل عصر أحسن لسياسة الأمم منها [2]، قادها التلميذ الأنجب والأذكى والأعلم والأعظم إيمانا للحبيب المصطفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أبو بكر - رضي الله عنه -.
وقد بيَّن الإمام مالك بأنه لا يكون أحد إمامًا أبدًا إلا على هذا الشرط [3]؛ يقصد بالمضامين العظيمة التي ألقاها الصديق في بيانه السياسي الأول.
ثانيًا: إدارة الشئون الداخلية:
أراد الصديق - رضي الله عنه - أن ينفذ السياسة التي رسمها لدولته، واتخذ من الصحابة الكرام أعوانًا يساعدونه على ذلك، فجعل أبا عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة (وزير المالية)، فأسند إليه شئون بيت المال، وتولى عمر بن الخطاب القضاء (وزارة العدل)، وباشر الصديق القضاء بنفسه أيضًا، وتولى زيد بن ثابت الكتابة (وزير البريد والمواصلات) [4] وأحيانًا يكتب له من يكون حاضرا من الصحابة؛ كعلي بن أبي طالب أو عثمان بن عفان رضي الله عنهم. وأطلق المسلمون على الصديق لقب خليفة رسول الله، ورأى الصحابة ضرورة تفريغ الصديق للخلافة، فقد كان أبو بكر - رضي الله عنه - رجلاً تاجرًا يغدو كل يوم إلى السوق، فيبيع ويبتاع، فلما استخلف أصبح غاديًا إلى السوق وعلى رقبته أثواب يتجر بها، فلقيه عمر وأبو عبيدة فقالا: أين تريد يا خليفة رسول الله؟ قال: السوق. قالا: تصنع ماذا وقد وليت أمور المسلمين؟ قال: فمن أين أطعم عيالي؟ فقالا: انطلق معنا حتى نفرض لك شيئًا، فانطلق معهما ففرضوا له كل يوم شطر شاة. (5) [1] دراسات في الحضارة الإسلامية، أحمد إبراهيم الشريف: ص 209، 210. [2] أشهر مشاهير الإسلام في الحرب والسياسة: ص 120. [3] تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص 92. [4] في التاريخ الإسلامي، د: شوقي أبو خليل، ص 218.
(5) الرياض النضرة في مناقب العشرة: ص 291.
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 151