responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 148
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119]، ومن التحذير منه كقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر» [1].
فهذه الكلمات: «الصدق أمانة» اكتست بالمعاني، فكأن لها روحًا تروح بها وتغدو بين الناس؛ تلهب الحماس، وتصنع الأمل. «والكذب خيانة»، وهكذا يأبى أبو بكر إلا أن يمس المعاني، فيسمي الأشياء بأسمائها، فالحاكم الكذاب هو ذلك الوكيل الخائن الذي يأكل خبز الأمة ثم يخدعها، فما أتعس حاكمًا يتعاطى الكذب فيسميه بغير اسمه، لقد نعته الصديق بالخيانة، وأنه عدو أمته الأول .. وهل بعد الخيانة من عداوة؟ حقًا ما زال الصديق يطل على الدنيا من موقفه هذا فيرفع أقوامًا ويسقط آخرين!!.
وتظل صناعة الرجال أرقى فنون الحكم؛ إذ هم عدة الأمة ورصيدها الذي تدفع به عن نفسها ملمات الأيام، ولا شك أن من تأمل كلمات أبي بكر تلك أصدقه الخبر بأن الرجل كان رائدًا في هذا الفن الرفيع؛ فقد كان يسير على النهج النبوي الكريم. [2] إن شعوب العالم اليوم تحتاج إلى هذا المنهج الرباني في التعامل بين الحاكم والمحكوم، لكي تقاوم أساليب تزوير الانتخابات وتلفيق التهم، واستخدام الإعلام وسيلة لترويج اتهامات باطلة لمن يعارضون الحكام أو ينتقدونهم، ولا بد من إشراف الأمة على التزام الحكام بالصدق والأمانة من خلال مؤسساتها التي تساعدها على تقويم ومحاسبة الحكام إذا انحرفوا [3]، فتمنعهم من سرقة إرادتهم وشرفهم وحريتهم وأموالهم.

6 - إعلان التمسك بالجهاد وإعداد الأمة لذلك:
قال أبو بكر - رضي الله عنه -: وما ترك قوم الجهاد في سبيل الله إلا خذلهم الله بالذل [4]، لقد تلقى أبو بكر تربيته الجهادية مباشرة من نبيه وقائده العظيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، تلقاها تربية حية في ميادين الصراع بين الشرك والإيمان، والضلال والهدى، والشر والخير، ولقد ذكرت مواقف الصديق في غزوات الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولقد فهم الصديق - رضي الله عنه - من حديث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد

[1] مسلم، كتاب الإيمان، رقم: 172.
[2] أبو بكر رجل الدولة، مجدي حمدي: ص 36، 37.
[3] فقه الشورى والاستشارة: ص 442.
[4] البداية والنهاية: 6/ 305.
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 148
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست