اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 143
وإكرام ذي السلطان المقسط». [1] والأمة واجب عليها أن تناصح ولاة أمورها، قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الدين النصيحة» -ثلاثا- قال الصحابة: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله -عز وجل- ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم». [2] ولقد استقر في مفهوم الصحابة أن بقاء الأمة على الاستقامة رهن باستقامة ولاتها، ولذلك كان من واجبات الرعية تجاه حكامهم نصحهم وتقويمهم.
ولقد أخذت الدولة الحديثة تلك السياسة الرائدة للصديق - رضي الله عنه -، وترجمت ذلك إلى لجان متخصصة ومجالس شورية، تمد الحاكم بالخطط، وتزوده بالمعلومات، وتشير عليه بما يحسن أن يقرره. والشيء المحزن أن كثيرًا من الدول الإسلامية تعرض عن هذا النظام الحكيم، فعظم مصيبتها في تسلط الحكام وجبروتهم، والتخلف الذي يعم معظم ديار المسلمين ما هو إلا نتيجة لتسلط بغيض، «ودكتاتورية» لعينة أماتت في الأمة روح التناصح والشجاعة، وبذرت فيها وزرعت بها الجبن والفزع إلا من رحم ربي، وأما الأمة التي تقوم بدورها في مراقبة الحاكم ومناصحته وتأخذ بأسباب القوة والتمكين في الأرض، فتنطلق إلى آفاق الدنيا تبلغ دعوة الله [3].
4 - إقرار مبدأ العدل والمساواة بين الناس:
قال أبو بكر - رضي الله عنه -: الضعيف فيكم قوي عندي حتى أرجع عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله [4].
إن من أهداف الحكم الإسلامي الحرص على إقامة قواعد النظام الإسلامي التي تساهم في إقامة المجتمع المسلم، ومن أهم هذه القواعد: الشورى والعدل، والمساواة والحريات. ففي خطاب الصديق للأمة أقر هذه المبادئ، فالشورى تظهر في طريقة اختياره وبيعته وفي خطبته في المسجد الجامع, بمحضر من جمهور المسلمين، وأما عدالته فتظهر في نص خطابه، ولا شك أن العدل في فكر أبي بكر هو عدل الإسلام، الذي هو الدعامة الرئيسية في إقامة المجتمع الإسلامي والحكم الإسلامي، فلا وجود للإسلام في مجتمع يسوده الظلم ولا يعرف العدل. [1] صحيح سنن أبي داود رقم: 3504. [2] مسلم، كتاب (الإيمان)، باب (أن الدين نصيحة)، رقم: 55. [3] تاريخ الدعوة إلى الإسلام: ص 249. [4] البداية والنهاية: 6/ 305.
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 143