اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 126
هلاك أمتي أو فساد أمتي رؤوس أغيلمة سفهاء من قريش» [1]، وعندما سئل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فما تأمرنا؟ قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لو أن الناس اعتزلوهم» [2].
ومن هذه النصوص تتضح الصورة لمسألة الأئمة من قريش، وأن الأنصار انقادوا لقريش ضمن هذه الضوابط وعلى هذه الأسس، وهذا ما أكدوه في بيعاتهم لرسول الله: «على السمع والطاعة، والصبر على الأثرة، وأن لا ينازعوا الأمر أهله، إلا أن يروا كفرا بواحًا عندهم من الله فيه برهان». (3)
فقد كان للأنصار تصور تام عن مسألة الخلافة، وأنها لم تكن مجهولة عندهم، وأن حديث «الأئمة من قريش» كان يرويه كثير منهم، وأن الذين لا يعلمونه سكتوا عندما رواه لهم أبو بكر الصديق، ولهذا لم يراجعه أحد من الأنصار عندما استشهد به، فأمر الخلافة تم بالتشاور والاحتكام إلى النصوص الشرعية والعقلية التي أثبتت أحقية قريش بها، ولم يسمع عن أحد من الأنصار بعد بيعة السقيفة أنه دعا لنفسه بالخلافة، مما يؤكد اقتناع الأنصار وتصديقهم لما تم التوصل إليه من نتائج. (4)
وبهذا يتهافت ويسقط قول من قال: إن حديث الأئمة من قريش شعار رفعته قريش لاستلاب الخلافة من الأنصار، أو أنه رأي لأبي بكر وليس حديثًا رواه عن الرسول، وإنما كان فكرًا سياسيًا قرشيًا، كان شائعا في ذلك العصر، يعكس ثقل قريش في المجتمع العربي في ذلك الحين. وعلى هذا فإن نسبة هذه الأحاديث إلى أبي بكر وأنها شعار لقريش، ما هي إلا صورة من صور التشويه التي يتعرض لها تاريخ العصر الراشدي وصدر الإسلام، الذي قام أساسًا على جهود المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان، وعلى روابط الأخوة المتينة بين المهاجرين والأنصار، حتى قال فيهم أبو بكر: نحن والأنصار كما قال القائل:
أبَوْا أن يملونا ولو أن أمنا ... تلاقي الذين يلقون منا لملت (5) [1] البخاري، كتاب الفتن رقم: 7058. [2] دلائل النبوة للبيهقي: 6/ 464، الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان رقم: 6713.
(3) البخاري، كتاب الفتن، رقم: 7056.
(4) الأنصار في العصر الراشدي: 116.
(5) الأنصار في العصر الراشدي: 116.
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 126