اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 115
رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان الذي مات فيه أظلم منها كل شيء. [1] وبكت أم أيمن فقيل لها: ما يبكيك على النبي؟ قالت: إني قد علمت أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سيموت، ولكن إنما أبكي على الوحي الذي رُفِع عنا [2].
ثانيًا: هول الفاجعة وموقف أبي بكر منها:
قال ابن رجب: ولما توفي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اضطرب المسلمون؛ فمنهم من دهش فخولط، ومنهم من أقعد فلم يُطق القيام، ومنهم من اعتقل لسانه فلم يطق الكلام، ومنهم من أنكر موته بالكلية [3].
قال القرطبي مبينًا عظم هذه المصيبة وما ترتب عليها من أمور: من أعظم المصائب المصيبة في الدين .. قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصابه بي؛ فإنها أعظم المصائب». [4] وصدق رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لأن المصيبة به أعظم من كل مصيبة يصاب بها المسلم بعده إلى يوم القيامة؛ انقطع الوحي، وماتت النبوة، وكان أول ظهور الشر بارتداد العرب وغير ذلك، وكان أول انقطاع الخير وأول نقصانه [5].
وقال ابن إسحاق: ولما توفي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عظمت به مصيبة المسلمين، فكانت عائشة فيما بلغني تقول: لما توفي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ارتدت العرب، واشرأبت اليهودية والنصرانية، ونجم النفاق، وصار المسلمون كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية لفقد نبيهم [6].
وقال القاضي أبو بكر بن العربي: ... واضطربت الحال، فكان موت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قاصمة الظهر ومصيبة العمر، فأما عليٌّ فاستخفى في بيت فاطمة، وأما عثمان فسكت، وأما عمر فأهجر وقال: ما مات رسول الله، وإنما واعده ربه كما واعد موسى، وليرجعن رسول الله، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم [7]، ولما سمع أبو بكر الخبر أقبل على فرس [1] الترمذي: 5/ 549، رقم: 3618. [2] مسلم: 4/ 1907. [3] لطائف المعارف: 114. [4] السلسلة الصحيحة للألباني، رقم: 1106. [5] تفسير القرطبي: 2/ 176. [6] ابن هشام: 4/ 323. [7] العواصم من القواصم: 38.
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 115