اسم الکتاب : الثمار الزكية للحركة السنوسية في ليبيا المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 141
إن ابن السنوسي استطاع أن يصل إلى أهدافه، وأن يوسع نفوذ دعوته، ويكسب معاضدة الدولة العثمانية له سواءاً عن طريق باشواتها في ليبيا أو السلاطين العثمانيين في استنبول، فقد استطاع أن يتحد مع الدولة العثمانية في السعي الدؤوب من أجل تحقيق أهداف الإسلام الكبرى، وقد نظر ابن السنوسي إلى دولة الخلافة، كواقع موجود لاتسمح الظروف بتغييره، بل الصواب العمل على الحفاظ عليه وعدم الاصطدام به، لذلك جعل علاقته بها طيبة. أما الدولة العثمانية فكانت ترى في الحركة بعض الفوائد استطاعت تحقيقها، كما أن الحكام العثمانيين اقتنعوا أن ابن السنوسي لم يكن يطمع في الخلافة، وقد سئل ملك ليبيا السابق محمد ادريس السنوسي هل كان جده يهدف إلى إقامة دولة إسلامية؟ فأجاب بالنفي وذلك لأن جده ماكان يريد الاصطدام بالدولة العثمانية التي وقفت منه موقفاً طيباً عندما أعفى السلطان عبد المجيد الإخوان من دفع الأموال الأميرية، ولأنه كان يخشى أن يكون حاكماً لأن الحاكم يظلم أحياناً وهو يعلم وأحياناً دون أن يعلم [1].
إن ابن السنوسي مع قناعته بأحقية القرشي بالخلافة لم يَر إثارة موضوع الخلافة، لأنه رأى أن ذلك من غير المناسب وليس من مصلحة المسلمين إثارة مثل هذا الخلاف، ولذلك ركز على جوانب الإصلاح الأخرى، فصار هدفه إيجاد مجتمع مسلم يتألف من أفراد فهموا الإسلام وتربطهم شريعة الله، وذلك حتى يستطيع هذا المجتمع أن يقوم بواجباته نحو الإسلام، من رد الاعتداء، وإقامة شرع الله، ودعوة الناس إلى الإسلام ... ولابد وأن ينتهي الأمر بإصلاح السلطة وحل مسألة الخلافة.
وقد اختار ابن السنوسي طريق التعليم والإرشاد طريقاً لإصلاح المجتمع [2] ولذلك كانت خطواته الحركية والدعوية محسوبة، فلم يصدم بالدولة، ولا بالعلماء، ولا غيرهم وإنما سعى لتحقيق أهدافه بالوسائل السليمة، وأقام زوايا لتكون بمثابة خلايا حية، تمتد منها الحياة إلى سائر جسم الأمة الإسلامية [3]. [1] انظر: الحركة السنوسية، ص163. [2] المصدر السابق نفسه، ص164. [3] المصدر السابق نفسه، ص102.
اسم الکتاب : الثمار الزكية للحركة السنوسية في ليبيا المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 141