اسم الکتاب : الثمار الزكية للحركة السنوسية في ليبيا المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 126
تقرب اليّ بشبر تقربت منه ذراعاً الحديث؛ فاترك التواني واعرض عما يشغلك عن مولاك واستغن بالقناعة بما في يدك ودع اللذات الفانية لأهلها ولا تسوف التوبة والاقبال على الله تعالى فإنك لاتدري مابقي من عمرك وقد نقل السنوسي الاجماع على أن التوبة واجبة على الفور، ويلزم من تأخيرها تضاعف الذنوب على من لم يتب وليس هذا التضاعف، كتضاعف الحسنات، بل اذا لم يتب صار عليه ذنب الفعل وذنب ترك التوبة وهاذان الذنبان تجب التوبة منهما أيضاً، واذا لم يتب منهما على الفور صاحب اربعة وعلى هذا القياس، واذا نظرت بعين الانصاف والشفقة على نفسك رأيت احتياجك الى التوبة أشد من احتياجك الى المأكل والمشرب، والمسكن لأنها قد حجبتك عن مطالعة الغيوب وحالت بينك وبين كل محبوب وعلامة خلاص النفس من الآفات المارة أن يكون الخلق كلهم عنده على السوية، لايحبهم محبة طبيعية تميله إليهم في منكر، ولا يكرههم كراهة تغير باطنه عليهم في معروف ويستوي عند جميع المأكل، وجميع الملابس، فمن رأى في نفسه شهوة لبعض دون بعض، وجب عليه المجاهدة، الى أن يستوي ذلك عنده وإلا كان حيواناً في صورة انسان بل الحيوان خير منه لانه ليس عليه تكليف ولا حساب ولا عقاب (1)
وماقاله ابن السنوسي آنفاً تفسيراً لقوله تعالى: {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا مارحم ربي إن ربي غفور رحيم} (سورة يوسف، آية 53).
- النفس اللوامة: وقد تحدث ابن السنوسي عنها فقال: وهي التي لها رغبة في المجاهدة وموافقة الشرع ولها أعمال صالحة من قيام، وصيام، وصدقة، وغير ذلك من أفعال البر لكن يدخل عليها العجب والكبر وكذا الرياء الخفي؛ بأن يحب صاحبها أن يطلع الناس على ماهو عليه من الاعمال الصالحة، كالاخلاص وغيره ويحمده عليها مع أنه يخفيها عنهم ويعمل لله، ويكره هذه الخاصة لكن لايمكنه قلعها بالكلية والخلاص من ذلك الرياء يكون بالفناء عن شهود الإخلاص بشهود أن المحرك والمسكن هو الله
(1) انظر: المسائل العشر لابن السنوسي، ص280،281.
اسم الکتاب : الثمار الزكية للحركة السنوسية في ليبيا المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 126