اسم الکتاب : الثمار الزكية للحركة السنوسية في ليبيا المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 121
أنس في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذ أتاه رجل، فقال: أيكم مالك؟ فقالوا: هذا، فسلم عليه واعتنقه وضمه إلى صدره، وقال: والله لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البارحة جالساً في هذا الوضع، فقال: ائتوني بمالك فأتى بك ترتعد فرائصك، فقال: ليس بك بأس يا أبا عبد الله، وكناك، وقال: اجلس، فجلست، قال: افتح حجرك، ففتحه فملأه مسكاً منثوراً وقال ضمه إليك وبثه في أمتي، قال: فبكى مالك وقال: الرؤيا تسر ولاتغر، وإن صدقت رؤياك فهو العلم الذي أودعني الله تعالى [1].
إن في الروايات السابقة معاني تربوية عميقة كان اتباع الحركة السنوسية يتربون عليها منها:
1 - اخلاص الأعمال لوجه الله، وأن دوامها وقبولها من شروطه هذا الركن الأصيل، وأن العلماء المخلصين، يتكفل الله بحفظ علمهم ونشره بين الناس.
2 - إن منهج الإعتدال، والحكمة، والاستقامة المتمثل في الوسطية التي سار عليها الإمام مالك، كانت منهجية أصيلة في حياة ابن السنوسي وإخوانه.
3 - إن ابن السنوسي كان يرأى أن الرؤى الطيبة لعباده الصالحين تسر ولاتغر، وأحب أن يغرس هذا الفهم في أذهان تلاميذه، ولذلك ساق لهم رؤية ذلك الرجل للإمام مالك.
وقد أفرد ابن السنوسي في مقدمته للموطأ باباً في التعريف بمؤلف الموطأ الإمام مالك وثناء الناس عليه، ونقل قول النووي: (قد اجتمعت طوائف العلماء على إمامة مالك وجلالته، وعظم سيادته وتبجيله وتوقيره، والإذعان له في الحفظ والثبات، وحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد جمع بين شرفي الحديث والفقه، فهو إمام الأئمة وشيخهم، قد روى عنه سائر الأئمة خصوصاً الأربعة أما أبو حنيفة فبلا واسطة، فقد حكى غير واحد أنه لقى مالكاً وأخذ عنه ... وأما الشافعي فأمره مشهور معه، حتى قال ابن الأثير: كفى مالكاً شرفاً أن الشافعي تلميذه، وكفى الشافعي شرفاً أن مالكاً شيخه. [1] انظر: مقدمة الامام مالك، ص20.
اسم الکتاب : الثمار الزكية للحركة السنوسية في ليبيا المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 121