responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 94
على الغوغاء والمتمردين بالحوار والنقاش، والاستجابة لبعض مطالبهم وقد فصلت ـ الحديث عن سياسة عثمان في التعامل مع الفتنة في كتابي عن عثمان بن عفان رضي اله عنه ومن الأساليب التي اتخذها عثمان رضي الله عنه مشورته لولاة الأمصار رضي الله عنه حيث بعث إلى ولاة الأمصار واستدعاهم على عجلٍ وكانوا: عبد الله بن عامر، ومعاوية بن أبي سفيان، وعبد الله بن سعد، وأدخل معهم في المشورة سعيد بن العاص، وعمرو بن العاص ـ وهم من الولاة السابقين وكانت جلسة مغلقة وخطيرة، وقال فيه كل المشاركين برأيه وكان رأي معاوية: أشير عليك أن تأمر أمراء الأجناد فيكفيك كل رجل منهم ما قبله، وأكفيك أنا أهل الشام [1]، وبعد أن سمع عثمان من المشاركين اقتراحاتهم قام، فحمد الله، وأثنى عليه، وقال: كل ما أشرتم به عليَّ قد سمعت، ولكلِّ أمر باب يؤتي منه، إنَّ هذا الأمر الذي يخاف على هذه الأمَّة كائن وإن بابه الذي يغلق عليه، فيُكفكف به اللِّين، والمؤاتاة والمتابعة، إلا في حدود الله تعالى ذكره، التي لا يستطيع أحد أن يبادي بعيب أحدها، فإن سدَّه شيء فرفق، فذاك والله ليُفتحنَّ، وليست لأحد عليَّ حجة حقٍّ، وقد علم الله إنِّي لم آل الناس خيراً، ولا نفسي. والله إنَّ رحا الفتنة لدائرة فطوبى لعثمان إن مات ولم يحرِّكها، كفكفوا النَّاس، وهبوا لهم حقوقهم، واغتفروا لهم، وإذا تعوطيت حقوق الله، فلا تُدِهنوا فيها [2]، فمنع عثمان رضي الله عنه منع الولاة من التَّنكيل بمثيري الشَّغب، وحبسهم، أو قتلهم، وقرَّر أن يعاملهم بالحسنى واللِّين ([3]
وطالب من عماله أن يعودوا إلى أعمالهم، وفق ما أعلنه لهم من أسلوب مواجهة الفتنة التي كان كلُّ بصير يرى أنَّها قادمة [4]، وقبل أن يتوجه معاوية بن أبي سفيان إلى الشَّام أتى عثمان وقال له: يا أمير المؤمنين: انطلق معي إلى الشَّام، قبل أن يهجم عليك من الأمور والأحداث مالا قِبَل لك بها. قال عثمان أنا لا أبيع جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء، ولو كان فيه قطع خيط عنقي. قال له معاوية: إذاً أبعث لك جيشاً من الشَّام، يقيم في المدينة، لمواجهة الأخطار المتوقعة، ليدافع عنك، وعن أهل المدينة، قال عثمان: لا حتى لا أقترّ على جيران رسول الله صلى الله غليه وسلم الأرزاق، بجند، تساكنهم ولا أضيِّيق على أهل الهجرة والنُّصرة. قال له معاوية: يا أمير المؤمنين: والله لتُغتلنَّ، أو لتُغزينَّ. قال عثمان: حسبي الله ونعم الوكيل [5]. ولقد حدث كل ما توقعه معاوية، فجاءت جموع أهل الفتنة لتحاصر عثمان رضي الله عنه وتغتاله في النهاية. وحين جاء هؤلاء الثوار من مختلف الأقاليم لا نجد من بينهم جماعة من أهل الشام [6]، من كل ما سبق نجد أننا أمام وال كبير يشق طريقه بجدارة من بين الولاة إلى ما هو أبعد من الولاية فقد استطاع أن يجعل من

[1] الكامل (2/ 278) تاريخ الطبري (5/ 351).
[2] تاريخ الطبري (5/ 351).
[3] خلافة عثمان، د. السلمي صـ 77 ..
[4] الخلفاء الراشدون، للخالدي صـ 151.
[5] تاريخ الطبري (5/ 353).
[6] عبد الله بن سبأ، للعودة صـ 152، أثر العلماء في الحياة.
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 94
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست