responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 93
عبابه، فاردد الفرات عن أدراجه، هيهات: لا والله لا تُسكِّن الغوغاء إلا المشرفيَّة [1]، ويوشك أن تُنْتضى، ثمَّ يعجُّون عجيج العتدان [2]، ويتمنون ما هم فيه، فلا يردهم عليهم أبداً، فاصبر، فقال: أصبر، وتحوَّل إلى منزله [3] واستطاع أهل الفتنة أن يمنعوا سعيد بن العاص من دخول الكوفة ورجع إلى المدينة، وكان من رأيه: أن من الحكمة عدم مواجهتهم، وعدم تأجيج نار الفتنة، بل محاولة إخمادها، أو تأجيل اشتعالها على الأقلِّ، وبعد رجوعه إلى المدينة أخبر سعيد عثمان بما حصل. قال له عثمان: ماذا يريدون؟ هل خلعوا يداً من طاعة؟ وهل خرجوا على الخليفة؟ وأعلنوا عدم طاعتهم له؟ قال له سعيد: لا لقد أظهروا أنَّهم لا يريدونني والياً عليهم، ويريدون والياً آخر مكاني. قال له عثمان: من يريدون والياً؟ قال سعيد بن العاص: يريدون أبا موسى الأشعريِّ، قال عثمان: قد عيَّنا، وأثبتنا أبا موسى والياً عليهم، ووالله لن نجعل لأحد عُذراً ولن نترك لأحدٍ حجة، ولنصبرنَّ عليهم كما هو مطلوب منَّا، حتى نعرف حقيقة ما يريدون، وكتب عثمان إلى أبي موسى بتعيينه والياً على الكوفة [4]، وكان أبو موسى رضي الله عنه يقوم بتهدئة الأمور، وبنهى النَّاس عن العصيان.
وقال لهم: أيها الناس لا تخرجوا في هذه المخالفة، ولا تعودوا لمثل هذا العصيان، والزموا جماعتكم، والطاعة وإياكم والعجلة، اصبروا، فكأنَّكم بأمير [5]. فقالوا: فصلِّ بنا، قال: لا، إلا على السمع والطاعة لعثمان بن عفان قالوا: على السَّمع، والطاعة لعثمان [6]. وما كانوا صادقين في ذلك، لكنَّهم كانوا يخفون أهدافهم الحقيقيَّة عن الآخرين وكان أبو موسى يصليِّ بالنَّاس إلى أن جاءه كتاب عثمان بتعيينه والياً على الكوفة، وكتب عثمان بن عفان إلى الخارجين من أهل الكوفة: أما بعد فقد أمَّرت عليكم من اخترتم، وأعفيتكم من سعيد، والله لأفرشنَّ لكم عِرضي، ولأبذُلنَّ لكم صبري، ولأستصلحنَّكم بجهدي، واسألوني كلَّ ما أحببتم، ممَّا لا يعصي الله فيه، فسأعطيه لكم، ولا شيئاً كرهتموه لا يُعصي الله فيه إلا استعفيتم منه، أنزل فيه عندما أحببتم، حتَّى لا يكون لكم عليّ حجّة وكتب بمثل ذلك إلى الأمصار [7]، رضي الله عن أمير المؤمنين عثمان، ما كان أصلحه وأوسع صدره وكم ظلمه السَّبئيُّون والخارجون الحاقدون، واختلفوا عليه.

مشورة عثمان لولاة الأمصار ورأي معاوية في ذلك:
واجه عثمان بن عفان الفتنة بوسائل وأساليب متنوعة منها، إرسال لجان تفتيش وتحقيق إلى الولايات، ومحاولة معرفة أغراض أهل الفتنة واستطاع أن يخترق صفوفهم، وأقام الحجة

[1] نوع من السيوف.
[2] تنتضي: أخرجه السيف من غمره: العتدان: قيل الحولي من أولاد الماعز.
[3] تاريخ الطبري (5/ 338).
[4] تاريخ الطبري (5/ 339).
[5] أي: يأتيكم من قبل أمير المؤمنين عثمان.
[6] تاريخ الطبري (5/ 339).
[7] المصدر نفسه (5/ 343).
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 93
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست