responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 71
العاص، فأعطى آل الحكم رجالهم عشرة الآف، فأخذوا مئة ألف، وأعطى بني عثمان مثل ذلك، وقسم في بني العاص، وفي بني العيص، وفي بني حرب [1]، فهذه النصوص وغيرها وممَّا اشتهر عنه، وما صحَّ من الأحاديث في فضائله الجمّة تدل على ما قيل فيه من إسرافه في بيت المال، وإنفاق أكثره على أقاربه، وقصوره حكايات بدون زمام، ولا خطام [2].
إن سيرة عثمان رضي الله عنه في أقاربه تمثِّل جانباً من جوانب الإسلام الكريمة الرحيمة، لقوله تعالى: ((وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا)) (الإسراء، الآية:26).كما أنَّها تمثِّل جانباً عملياً من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد رأى عثمان رضي الله عنه من رسول الله وعلم من حاله ما لم ير، أو يعلم غيره من منتقديه وعقل من الفقه ما لم يعقله مثله من جمهرة النَّاس، وكان ممَّا رأى شدَّة حبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لأقاربه وبرِّه لهم، وإحسانه إليهم، وقد أعطى عمَّه العَّباس ما لم يعط أحداً عندما ورد عليه مال البحرين [3]، ولعثمان وسائر المؤمنين في رسول الله أعظم القدوة [4]، وقد ردَّ ابن تيمية ـ رحمه الله ـ على من اتَّهم عثمان بتفضيله أهله بالأموال الكثيرة من بيت المال فقال: وكان يؤثر أهله بالأموال الكثيرة من بيت المال حتَّى إنَّه دفع إلى أربعمائة نفر من قريش زوَّجهم بناته أربعمائة ألف دينار، ودفع إلى مروان ألف وألف دينارـ مليون دينارـ فالجواب يقال: أين النقل الثابت بهذا؟. نعم كان يعطي أقاربه، ويعطي غير أقاربه أيضاً، وكان يحسن إلى جميع المسلمين، وأمَّا هذا القدر الكثير فيحتاج إلى نقل ثابت، ثم يقال ثانياً: هذا من الكذب البيِّن، فإنه لا عثمان ولا غيره من الخلفاء الراشدين أعطوا أحداً ما يقارب هذا المبلغ [5].

12 ـ هل عين عثمان رضي الله عنه أحداً من أقربائه على حساب المسلمين؟
لم يكن عثمان رضي الله عنه عين أحداً من أقاربه على حساب المسلمين ولو أراد أن يجامل أحداً من أقاربه على حساب المسلمين لكان ربيبه محمد بن أبي حذيفة أولى النَّاس بهذه المجاملة، ولكنَّ الخليفة أبى أن يوليه شيئاً ليس كفؤاً له بقوله: يابنيَّ لو كنت رضاً ثمّ سألتني العمل، لاستعملتك، ولكن لست [6] هناك. ولم يكن ذلك كراهية له، ولا نفوراً منه، وإلا لما جهَّزه من عنده، وحمله، وأعطاه حين أستأذن في الخروج إلى مصر [7] وأمّا استعمال الأحداث فكان لعثمان رضي الله عنه في رسول الله أسوة حسنة فقد جهَّز جيشاً لغزو الرُّوم في آخر حياته واستعمل عليه أسامة بن زيد، رضي الله عنهما [8]، وعندما توفيِّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم تمسَّك الصديق رضي الله باء نفاذ هذا الجيش،

[1] تاريخ الطبري (5/ 356).
[2] فصل الخطاب في مواقف الأصحاب صـ83.
[3] البخاري، ك الجزية.
[4] البداية والنهاية (7/ 201).
[5] منهاج السنة (3/ 190).
[6] تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة (1/ 247).
[7] المصدر السابق (1/ 247) تاريخ الطبري (5/ 416).
[8] تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة (1/ 247) تاريخ الطبري (5/ 416).
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 71
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست