الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار - الصلابي، علي محمد

اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 708

الملك وتكثير سواد أهل العلم والصلاح في بلاطه مما سيكونه له أثر في توجيه سياسة الدولة نحو الأصلح بالتأثير على عبد الملك من قبل جلساته وبطانته [1].
وقال الذهبي عن قبيصة: الإمام الكبير، الفقيه، أبو سعيد الخزاعي، وعن الشعبي قال: كان قبيصة أعلم الناس بقضاء زيد بن ثابت، وعن ابن شهاب، قال: كان قبيصة بن ذؤيب من علماء هذه الأمة. وعن مكحول قال: ما رأيت أحداً أعلم من قبيصة. وقد توفي سنة 86 هـ وقيل: 87 هـ وقيل سنة88 هـ [2].

2 ـ عطاء بن أبي رباح ونصيحته لعبد الملك: دخل عطاء بن أبي رباح على عبد الملك وهو جالس على السرير وحوله الأشراف وذلك بمكة في وقت حجه في خلافته، فلما بَصُر به عبد الملك قام إليه فسلم عليه وأجلسه معه على السرير وقعد بين يديه وقال: يا أبا محمد: حاجتك؟ قال: يا أمير المؤمنين اتق الله في أولاد المهاجرين والأنصار، فإنك بهم جلست هذا المجلس، واتق الله في أهل الثغور فإنهم حصن المسلمين، وتفقد أمور المسلمين فإنك وحدك المسئول عنهم، واتق فيمن على بابك فلا تغفل عنهم ولا تغلق دونهم بابك. فقال له: أفعل، ثم نهض، وقام فقبض عليه عبد الملك وقال: يا أبا محمد إنما سألتنا حوائج غيرك، وقد قضيناها فما حاجتك؟ فقال: مالي إلى مخلوق حاجة، ثم خرج، فقال عبد الملك: هذا وأبيك الشرف، هذا وأبيك السؤدد [3]. وكان بنو أمية في عهدهم يأمرون منادياً يصيح في الحج لا يُفتي الناس إلا عطاء بن رباح، فإن لم يكن عطاء، فعبد الله بن أبي نجيح [4]، وقد فاق عطاء أهل مكة في الفتوى [5] وكان المسجد فراش عطاء عشرين سنة، وكان من أحسن الناس صلاة [6]، وكان معاشه، صلة الأخوان ونيل السلطان [7]، ومن أقوال عطاء: إن من قبلكم كانوا يعدون فضول الكلام ما عدا كتاب الله، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو أن تنطق في معيشتك التي لابد لك منها، أتنكرون أن عليكم حافظين كرام كاتبين، عن اليمين وعن الشمال قعيد، ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد، أما يستحي أحدكم لو نشرت صحيفته التي أملى صدر نهاره وليس فيها شيء من أمر آخرته [8]، وعن عطاء: إن الرجل ليحدثني بالحديث، فأُنصتُ له كأني لم أسمعه، وقد سمعته قبل أن يولد [9]. وعطاء هذا الذي كان مرجع الأمة في موسم الحج كان أسود أعرج، أفطس،

[1] أثر العلماء صـ143.
[2] سير أعلام النبلاء (4/ 238،282).
[3] المصدر نفسه (5/ 84، 85).
[4] سير أعلام النبلاء (5/ 82).
[5] المصدر نفسه (5/ 82).
[6] المصدر نفسه (5/ 84).
[7] المصدر نفسه (5/ 84).
[8] المصدر نفسه (5/ 86).
[9] المصدر نفسه (5/ 86).

اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 708

صيغة PDF

شهادة

الفهرست