responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 706
تأكدت تلك البيعة من الأمة بعد مقتل ابن الزبير ونهاية سلطانه، ولكن عبد الملك بعدما استقرت له الأمور، وتذوق حلاوة الملك في دنياه ورغب في استمرار الذكر له بعد الوفاة لاسيما وقد رأى أن كل من ابنيه الوليد وسليمان قد بلغ من الرشد مبلغه، وتحركت فيه عاطفة الأبوة تجاههما، وأحب أن يصرف ولاية العهد من بعده لهما دون أخيه عبد العزيز، وكان قد عزم على ذلك إلا أن قبيصة بن ذؤيب نهاه عن ذلك، فقد أورد ابن سعد هذا الخبر: قالوا: كان عبد الملك بن مروان قد همّ أن يخلع أخاه عبد العزيز بن مروان ويعقد لابنيه الوليد وسليمان بعده بالخلافة، فنهاه قبيصة بن ذؤيب وقال: لا تفعل هذا فإنك تبعث عليك صوتاً نعار [1]، ولعل الموت يأتيه فتستريح منه، فكف عبد الملك عن ذلك ونفسه تنازعه أن يخلعه فدخل عليه ليلة روح بن زنباع الجذامي وكان يبيت عند عبد الملك، وكان أحلى الناس كلاماً عند عبد الملك، فقال: يا أمير المؤمنين لو خلعته ما انتطحت فيه عنزان، قال: ترى ذلك يا أبا زرعة؟ قال: أي والله وأنا أول من يجيبك إلى ذلك، فقال: نصبح إن شاء الله، فبينما هو على ذلك، وقد نام عبد الملك بن مروان وروح بن زنباع إلى جنبه إذ دخل عليهما قبيصة بن ذؤيب .. فقال: آجرك الله يا أمير المؤمنين في أخيك. فقال: فهل توفي؟ قال: نعم. فاسترجع عبد الملك بن مروان ثم أقبل على روح فقال:: أبا زرعة كفانا الله ما كنا نريد وما أجمعنا عليه [2]. ومن خلال هذا الموقف لقبيصة يمكن أن نستشف منهجه في التعامل مع عبد الملك كمشير ووزير، ويتمثل ذلك المنهج في صدقه في النصيحة ومراعاة المصلحة العامة للأمة والدولة، فهو لم يجامل عبد الملك بموافقته له فيما يوده ويهواه، بل دفعه إخلاصه لله وتقديره لمصلحة الأمة بعامة والبيت الأموي بخاصة أن يقول رأيه بصراحة وإن كان يعلم أنه يخالف ما في نفس عبد الملك ويضاد رغباته وعواطفه تجاه بنيه [3].
ج ـ موقفه من محنة الإمام الجليل سعيد بن المسيب: بعد وفاة عبد العزيز بن مروان عقد عبد الملك البيعة من بعده لابنيه الوليد وسليمان، وبعث إلى البلدان لأخذ البيعة لهما، ففي المدينة دعا واليها هشام بن إسماعيل المخزومي الناس إلى البيعة فبايعوا إلا سعيد بن المسيب فإنه أبى وقال: أنظر، فضربه هشام وطاف به ثم سجنه وبعث إلى عبد الملك يخبره بما فعل [4]. وكانت الرسائل تصل إلى قبيصة بن ذؤيب ويقرؤها قبل عبد الملك، فلما وصل كتاب هشام واطلع على ما فيه كان له موقف من تصرف هشام مع سعيد بن المسيب يصور لنا ابن سعد هذا الموقف: ... دخل قبيصة بن ذؤيب على عبد الملك بن مروان بكتاب هشام بن

[1] النعار: العاصي والخراج السعاء في الفتن.
[2] الطبقات الكبرى (5/ 233، 234).
[3] أثر العلماء في الحياة السياسية صـ136.
[4] سير أعلام الذهبي (4/ 230)، الطبقات (5/ 126).
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 706
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست