responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 679
على طغاة الحكام وهذه خصيصة فريدة تتميز بها الشريعة الربانية عن الأنظمة والقوانين الوضيعة، كما تدلنا على أن أطغى الطغاة في العصور الأولى: لم يكن ليجرؤ على رفض شريعة الله أو تحدي نصوصها، ولو كان هو الحجّاج بن يوسف، المشهور بالقسوة والجبروت [1].

6 ـ الحجّاج مع أعرابي: حجّ الحجّاج مرّة، فمر يبن مكة والمدينة، فأُتى بغذائه فقال لحاجبه: انظر من يأكل معي، فذهب، فإذا أعرابي نائم فضربه برجله وقال أجب الأمير. فقام، فلمّا دخل الحجّاج قال له: اغسل يديك ثم تغدَّ معي. فقال: إنَّه دعاني من خير منك، فاجبته. قال ومن هو؟ قال: الله دعاني إلى الصوم، فأجبته. قال: في هذا الحرِّ الشديد؟ قال نعم، صمت ليوم هو أشدُّ حرَّاً منه قال: فأفطر وصُم ليوم غد، قال: إن ضمنت لي البقاء إلى غد. قال: ليس ذلك إليَّ. قال: فكيف تسألني عاجلاً بأجل لا تقدر عليه؟ قال: إن طعامنا طعام طبيب .. قال: لم تُطَّيْبه أنت ولا الطباخ، إنّما طيَّبته العافية [2].
7 ـ زواج الحجّاج من بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب:
قال الشافعي: لمّا تزوج الحجّاج بنت عبد الله بن جعفر قال خالد بن يزيد بن معاوية لعبد الملك بن مروان: أتُمكنه من ذلك؟ فقال: وما بأس بذلك؟ قال: أشدُّ البأس والله. قال: وكيف؟ قال: والله يا أمير المؤمنين لقد ذهب ما في صدري على آل الزبير منذ تزوجت رملة بنت الزبير. قال فكأنه كان نائماً فأيقظه، فكتب إلى الحجّاج يعزم عليه في طلاقها فطلقَّها [3]، وجاء في رواية: يا أمير المؤمنين إنما خفت أن يميل الحجّاج إليهم فيسعى لمحل سلطانه فإنه لم يكن بين أهل بيتين من شحناء ما كان بيننا وبين آل الزبير، فلما تزوجت برملة بنت الزبير انقلب ذلك البغض محبة حتى إني ما أحب أكثر منهم [4]، حتى قلت:
تجول خلاخيل النساء ولا أرى ... خلخالاً يجول ولا قُلْبا
فلا تكثروا فيها الملام فإنني ... تخيرتها منهم زبيرية قلبا
أحب بني العوام من أجل حُبِّها ... ومن أجلها أحببت أخوالها كلبا (5)

وكان الحجّاج يحترم أهل البيت ويكرمهم وما زواجه ببنت عبد الله بن جعفر إلا مظهر من ذلك ليتقرب منهم ويصلهم وعلى الرغم من أنه طلقها فما زال واصلاً لعبد الله حتى مات، فكان يرسل له في كل شهر عيراً تحمل كسوة وتحفاً وميرة وكل ما يحتاج إليه [6]، وقد تجلى

[1] تاريخنا المفترى عليه للقرضاوي صـ22.
[2] البداية (12/ 518).
[3] المصدر (12/ 517).
[4] الحجّاج بن يوسف المفترى عليه صـ137.
(5) وفيات الأعيان (2/ 224، 225).
[6] المستطرف من كل فن مستظرف (2/ 321)
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 679
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست