responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 678
ظاهرها الكفر، فإن كان قد تاب منها وأقلع عنها، وإلا فهو باقٍ في عهدتها، ولكن يخشى أنَّها رويت عنه بنوع من زيادة عليه، فإن الشيعة كان يبغضونه جداً لوجوه وربَّما حرّفوا عليه بعض الكلم، وزادوا فيما يحكونه عنه بشاعات وشناعات وقد روينا عنه أنه كان يتدين بترك المسكر، وكان يكثر تلاوة القرآن ويتجنب المحارم، ولم يُشتهر عنه شيء من التلطخ بالفروج، وإن كان متسرعاً في سفك الدماء فالله تعالى أعلم بالصواب وحقائق الأمور وسرائرها وخفيَّات الصدور وضمائرها [1].
فلا نكفر الحجّاج، ولا نمدحه، ولا نسبه ونبغضه في الله بسبب تعديه على بعض حدود الله وأحكامه وأمره إلى الله.

4 ـ من خطب ومواعظ الحجّاج: قال الشعبي: سمعت الحجّاج تكلم بكلام ما سبقه إليه أحد، يقول: أما بعد، فإن الله تعالى كتب على الدنيا الفناء وعلى الآخرة البقاء، فلا فناء لما كتب عليه البقاء ولا بقاء لما كتب عليه الفناء. فلا يَغُرنكم شاهد الدنيا عن غائب الآخرة، واقهروا طول الأمل بقصر الأجل [2]، وعن أبي عبد الله الثقفي عن عمّه، قال: سمعت الحسن البصريَّ يقول: وقذتني كلمة سمعتها من الحجّاج، سمعته يقول على هذه الأعواد: إن امرأ ذهب ساعة من عمره في غير ما خلق له لحريٌّ أن تطول عليها حسرته إلى يوم القيامة [3].
5 ـ صدق الله وكذب الشاعر: جاء رجل إلى الحجّاج فقال إن أخي خرج مع ابن الأشعث، فضُرب على اسمي في الديوان، ومُنعتُ العطاء، وقد هُدِمت داري.
فقال الحجّاج: أما سمعت قول الشاعر:
جانيك من يَجْني عليك وقد ... تُعدي الصِّحاح مبارك الجُرْب
ولربَّ مأخوذٍ بذنب قَريبه ... ونجا المقارف صاحب الذنب
فقال الرجل: أيها الأمير، إني سمعت الله يقول غير هذا وقول الله أصدق من هذا. قال: وما قال؟ قال ((قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخاً كبيراً فخذ أحدنا مكانه إنّا نراك من المحسنين* قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون)) (يوسف: آية: 79،78). قال: يا غلام أَعِد اسمه في الديوان، وابْن داره، وأعطاه عطاءه، ومُرْ منادياً ينادي: صدق الله وكذب الشاعر [4]، فهذه القصة تدل بوضوح على أن الشريعة الإسلامية سلطانها وهيبتها، حتى

[1] المصدر نفسه (12/ 536).
[2] البداية والنهاية (12/ 522).
[3] المصدر نفسه (12/ 522).
[4] المصدر نفسه (12/ 523).
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 678
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست