responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 674
9 ـ احترام وتقدير الشخصيات البارزة في المجتمع:
أدرك الخليفة عبد الملك أهمية توثيق العلاقة واحترامها مع الشخصيات البارزة في الجتمع، فقد حرص على كسبها وتأييدها، فحين بايع محمد بن الحنفية لعبد الملك أعطاه الخليفة ميثاقاً، وكتب إليه: إنك عندنا محمود ... فلك العهد والميثاق وذمة الله ورسوله أن لا تهاج ولا أحد من اصحابك بشيء تكرهه، كما قضى حوائجه [1]، وكتب عبد الملك للحجّاج: لا تعرض لمحمد ولا لأحد من أصحابه [2]. فلم يعترض الحجّاج لأحد من آل أبي طالب خلال ولايته، كما عزز عبد الملك الصلات مع آل العباس، فكان يكرم علي بن عبد الله بن العباس، ويعرف له حقه ويستوصي به خيراً، وكانت كتبه ترد إلى الحجّاج يأمره فيها أن لا يسيء إلى عروة بن الزبير [3]. وبذلك نجح عبد الملك في الاحتفاظ بصلات حسنة بين الأمويين وبني هاشم ـ علويين وعباسيين ـ فلم يقتل أحد من العلويين في عهده، فكانت هذه ثمرة حسن سياسته وبعد نظره [4].

10 ـ تحجيم الولاة إذا أرادوا تجاوز الخطوط حمراء:
كان عبد الملك لا يسمع لولاته مجاوزة الخطوط الحمراء، فعندما أساء الحجّاج لأنس بن مالك كان رد عبد الملك على الحجّاج قاسياً وقصة ذلك: دخل أنس بن مالك على الحجّاج بن يوسف، فلمّا وقف بين يديه، سلمّ عليه فقال له: إيهٍ إيهٍ يا أُنيس يوم لك مع عليِّ، ويوم لك مع ابن الزبير، ويوم لك مع ابن الأشعث، والله لأستأصِلنَّك كما تستأصل الشأفة [5]، ولأدمغنك كما تُدمغ الصمغة. فقال أنس: إيَّاي يعني الأمير أصلحه الله؟ قال: إياك، سك الله سمعك. قال أنس: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، والله لولا الصبية الصغار ما باليت أيَّ قتلة قُتلتُ ولا أيَّ ميتة مِتُّ. ثم خرج من عند الحجّاج، فكتب إلى عبد الملك بن مروان يخبره بما قال الحجّاج فلمّا قرأ عبد الملك كتاب أنس استشاط غضباً وصَفَّقَ عجباً، وتعاظم ذلك من الحجّاج، وكان كتاب أنس إلى عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين من أنس بن مالك أما بعد: فإن الحجّاج قال لي هُجراً [6]، وأسمعي نُكراً ولم أكن لذلك أهلاً، فخذلي على يديه، فإني أمُتُّ بخدمتي رسول الله، وصحبتي إياه، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته [7]، فقرأ عبد الملك الكتاب وهو يبكي وبلغ به الغضب ما شاء الله، ثم كتب إلى الحجّاج بكتاب غليظ [8]، فبعث عبد الملك إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر ـ وكان مصادقاً للحجّاج ـ فقال له:

[1] الطبقات (5/ 111، 112).
[2] العقد الفريد (4/ 400) الإصلاحات المالية صـ200
[3] أخبار العباس وولده صـ131، 154.
[4] الإصلاحات المالية والتنظيمات الإدارية صـ201.
[5] الشافة: قرحة تخرج من أسفل القدم فتقطع أو تكوى.
[6] هجراً: يعني فحشاً.
[7] البداية والنهاية (12/ 540).
[8] البداية والنهاية (11/ 386).
اسم الکتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 674
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست